نستطيع ان نلامس مغناطيس بخشب او زجاج او ذهب أو ندعك به ورق او حجر او بلاستيك لكن لا شئ يحدث. لكن بمجرد ان نقرب مغناطيس من جسم حديدي تبدأ قوة غير مرئية فى الظهور فيجذب الجسمان بعضهما البعض. بل وقد يكون هذا بدرجة يستحيل معها على انسان ان يفصلهما عن بعضهما بقوته العضلية.
وعلى الرغم من ان قوة الجذب المغناطيسية تبدو استثنائية وغير طبيعية بالنسبة لغير المتخصصين. الا انها فى حقيقة الامر ظاهرة فيزيائية عامة اسبابها اصيلة نعيش معها في كل لحظة من حياتنا. فظاهرة المغناطيسية تعتمد على الذرة: المكون الاساسى لنا ولكل شئ حولنا !
غلاف الذرة يتكون من الكترونات مشحونة كهربائيا وهي دائمة الحركة. وهناك قانون فيزيائي هام يقول: أن أى شحنة كهربائية متحركة ينشأ حولها مجال مغناطيسي.
وهناك بعض المواد كالحديد والألمونيوم والصوديوم والمغنسيوم غلافها الذري له تركيبة خاصة تجعل ذلك المجال المغناطيس الناشئ يبدو وكأنه مغناطيس ذري صغير جدا. وكل مغناطيس له قطبان: واحد شمالى واخر جنوبي. اذا اقترب قطب شمالى واخر جنوبي من بعضهما فانهما ينجذبان واذا اقترب قطبان متشابها من بعضهما فانهما يتنافران.
فى العادة تأخذ تلك المغناطيسات الذرية اتجاهات مختلفة فتلاشى قوي التجاذب والتنافر بعضها وبالتالى يلغي المجال المغناطيس فى المجمل بعضه البعض. لذا لا يبدو لقطعة من المغنسيوم او الصوديوم من الخارج أي خواص مغناطيسية. وكذلك هو الأمر بالنسبة لقطعة من حديد.
مع ذلك فان لذرات الحديد خاصية مميزة جدا: وهى انه اذا اقترب منها مغناطيس ما فان ذرات الحديد تؤثر على بعضها بطريقة معقدة بحيث يحدث شئ عجيب. فى سرعة البرق تغير اعداد كبيرة من المغناطيسات الذرية اتجاهها بحيث تتماهي مع المجال المغناطيسى القادم من الخارج. وفجأة يصبح لها قطبان مغناطيسيان مجمعان كبيران: شمالى وجنوبي بدلا من اقطاب مغناطسية متشتتة الاتجاهات . اذن بالقرب من مغناطيس تتحول قطعة الحديد متعادلة الى مغناطيس جديد.
وبسبب قوة التجاذب يلتصق المغناطيس وقطعة الحديد ببعضهما. اما اذا تعرضت قطعة الحديد لمجال مغناطيسي قوى جدا فان المغناطيسات الذرية الصغيرة تحافظ على اتجاهاتها الجديدة حتى بعد ان يبتعد ذلك المجال المغناطيسى تماما. وتتحول قطعة الحديد الى مغناطيس دائم. وهذه هى الطريقة المتبعة فى تصنيع مغناطيسات جديدة.
وهناك عدد قليل من المواد اللتى تملك خواصا تشابه خواص الحديد المغناطيسية مثل الكوبالت والنيكل. وهناك عدد اخر من المواد كالصوديوم والمغنسيوم اللتى ذراتها ايضا عبارة عن مغناطيسات ذرية صغيرة. لكن هذه المواد على خلاف الحديد لاتستطيع ان تغير ذراتها اتجاهاتها بصورة مجمعة فتتحول فى النهاية الى مغناطيس كبير جديد. لذلك لا تلتصق هذه المواد الا بالمغناطيسات القوية والفائقة جدا.
مع ذلك فان كل المواد حتى اللتى لا تشكل ذراتها مغناطيسات ذرية صغيرة تتأثر بالمجالات المغناطيسية. فقط يحب على تلك المجالات المغناطيسة ان تكون كبيرة جدا. وهذه المجالات المغناطيسة الفائقة يمكنها التأثير حتى على الماء. والمدهش هنا أن المواد فى هذه الحالة لا تنجذب نحو المغناطيس ولكنها تنفر عنه!
صحيح ان هذا التأثير ضعيف جدا مع ذلك استطاع الباحثون فى هولندا من توضيح تلك الظاهرة فى تجربة لافتة. فبأستخدام جهاز معقد جدا يحتوى على اقوي المغناطيسات الموجودة فى العالم استطاع العلماء دفع مواد مختلفة الى اعلى ضد قوة الجاذبية وجعلوا تلك الأجسام تطفو فى الهواء. فاستطاع هؤلاء الباحثون جعل قطعة الفراولة وحبة بندق تطفو فى الهواء. وكذلك نجحوا فى فعل الأمر نفسه مع ضفدع صغير!
مقتبس من مجلة جيو