يُقـال ان الأغريق هم اول من وضعوا شمعة فوق المخبوزات. وهذا هو اصل عادة وضع شمعة فوق تورتة عيد الميلاد. وعندما ينفخ المحتفى به في الشمعة وتنطفئ فان كل رغباته سوف تتحقق.
لكن أنطفاء الشمعة عند النفخ فيها امر يحتوى على مفاجأة. ففي العادة يؤجج الهواء النار. فهبوب الرياح يساهم فى انتشار الحرائق وتهوية الشواية او المدفأة النارية يزيد النار اشتعالا. فما هو الفارق بين نار الشمعة عن النيران الأخرى؟
الأجابة لا شئ. ولكى نفهم لماذا تنطفئ الشمعة عند النفخ فيها علينا ان نفهم اولا كيف تنشأ النار أساسا؟! فلكى تنشأ النار فانها تحتاج الى ثلاثة أشياء: الاول هي مادة قابلة للأشتعال الثانى درجة حرارة عالية والثالث الأكسوجين.
بالنسبة للمادة القابلة للأشتعال فهى قد تكون ورق أو خشب او شمع او بنزين أو غاز أو خلافه. وبالنسبة للامرين الثانى و الثالث فذلك يرجع الى كون الأحتراق عبارة عن عملية كميائية تتفاعل خلالها ذرات الكربون الموجودة فى المادة القابلة للأشتعال مع ذرات الاكسجين فى الهواء لينتج اكسيد الكربون. ولكى يتم هذا التفاعل الكيميائي فانه يحتاج الي درجة حرارة عالية قد نحصل عليها من شرارة مثلا. وبمجرد اشتعال المادة القابلة للأشتعال للمرة الأولى ينتج عن هذه العملية الكيميائية حرارة عالية تحافظ على استمرار الشعلة وتجعل اشتعال باقى المادة القابلة للأشتعال أمرا ممكنا.
وتحتاج عملية الاحتراق الحرارة عالية لسبب ثان: وهو ان ما يغذى النار ليست الصورة الصلبة او السائلة للمادة القابلة للأشتعال ولكنها الصورة الغازية منها. وتكون الابخرة من الصورة الصلبة للمادة يحتاج فى العادة لدرجات حرارة عالية.
فلكي نشعل شمعة فاننا نحتاج فى البداية الى عود ثقاب ليولد درجة حرارة عالية. وتقوم الحرارة بصهر مادة الشمع اللذى يسيل ويصعد فى فتيل الشمعة حيث تزداد حرارته مرة اخري ويتحول الى ابخرة تندفع في شعلة الشمعة لتحترق هناك. وتنشأ قوة شفط او امتصاص تعمل علي سحب الشمع السائل من الأسفل ليدخل الفتيل ليتبخر ويحترق وينتج حرارة جديدة تسبب انصهارا جديدا وشفطا جديدا للشمع السائل. ويبقى الأحتراق مستمرا هكذا دواليك.
اذن ما يحترق ليس فتيل الشمعة لكنها تحديدا تلك السحابة المحيطة به من ابخرة الشمع. وتحترق هذه الأبخرة على حافة الشعلة حيث تبلغ درجة الحرارة 1400 درجة مئوية.
وعندما ننفخ فى شمعة مشتعلة فاننا نوقف عملية الأحتراق عن طريقين: الطريق الاول هو اننا ندفع السحابة البخارية المتصاعدة من الفتيل بعيدا. فيتوقف امداد الشعلة النارية بالوقود فيتوقف الأحتراق. اما الطريق الثاني فهو أن نفخ الهواء يخفض حرارة الابخرة المتصاعدة فلا تتمكن من الأحتراق وتواصل تصاعدها فى صورة عمود دخانى أبيض.
وهذا التكتيك فى اطفاء النار بسحب عنصر من العناصر الثلاثة للازمة لحدوثها يمكن تطبيقه على أى حريق مهما كان حجمه.
فعندما يرش رجال الأطفاء الماء على منزل محترق فانهم يبردون درجة حرارة الجزء المشتعل فيخفضون درجة حرارة الغازات المتصاعدة بحيث لا تتم عملية احتراقها. وعندما يرشون الماء على الاسطح المجاورة للحريق فذلك بهدف تبريدها و الحول من تكون ابخرة جديدة.
اما طفايات الحرائق المنزلية فانها تغطي النار بطبقة كثيفة من الرغاوي تحجب عنها الأكسوجبن وبذلك تختنق النار حرفيا.
اما النفخ فى الحرائق الكبرى لاطفائها فهذا ممكن فقط اذا تمكنا فى النهاية من عزل النار عن المادة القابلة للأشتعال تماما. لأننا فى الوقت نفسه نمد النار بالأكسوجين ونساهم بذلك في زيادة النيران اضطراما.
فى عام 1991 لجأ خبراء الحرائق الأمريكيون بصورة جزئية الى طريقة غير تقليدية فى اطفاء الحرائق اللتى اندلعت فى حقول البترول الكويتية جراء حرب الخليج. فقاموا بتفجير عبوات قوية فى الهواء بجوار الحرائق المشتعلة. فقامت قوة الانفجار وموجة الضغط الناشئة بنفخ حقول البترول المشتعلة فانطفأت كما الشمعة تقريبا!
*منقول من مجلة جيو*