الهدف من موضوع اليوم هو القاء بعض الضوء على موضوع التنسور او الموتر كما هى الترجمة العربية. وليس الهدف ان يصبح القارئ خبيرا في هذا الميدان فهنا ليس المكان لذلك. ولكنى فقط احب ان اشير الى انه يوجد شئ في الرياضيات اسمه حساب التنسور واحب ان اجنب القارئ موقف مشابه لموقف مر بي عندما سمعت بهذا المصطلح لاول مرة.فبالرغم من اننى كنت قد انهيت دراستى في الهندسة المدنية في مصر فاني قد صعقت عندما سمعت بهذا المصطلح لاول مرة في حياتى في المانيا . فهذا موقف احب ان اجنبكم اياه في المستقبل لمن لم يسمع عن التنسور او الموتر من قبل.
موضوع الموترات هو موضوع فيزيائى ورياضى ولكنه ظهر في ميدان الفيزياء اولا ثم التقطه الرياضيون بعد ذلك وهذبوه ونقوه من التناقضات وصار بعد ذلك موضوعا رياضيا. وكان لالبرت اينشتاين دورا كبيرا في شهرة حساب الموترات لانه استخدم هذا الحساب في نظريته النسبية العامة.
وفي الفيزياء توجد انواع عديدة من الكميات فهناك كميات قياسية وكميات متجهة ثم كميات موترة او تنسورية.فما هو الفارق بين هذه الكميات؟ الكميات القياسية يعبر عنها برقم واحد بالاضافة الى وحدة للقياس. فمثلا عندما نقول عن كتلة شئ انها 3 كجم فان مانحتاجه هو رقم واحد وهو الرقم ثلاثة بالاضافة الى وحدة القياس وهي الكيلوجرام. اي ان كتلة الشئ اللذي امامى هي ثلاثة اضعاف كتلة جسم قياسى يستخدم لقياس الكتل. وكذلك الحال بالنسبة للطول 3 متر او للزمن 3 ثوانى. ففي كل هذه الحالات احتاج لرقم واحد من اجل تعيين الكمية تعيينا كاملا. ثم تأتى بعد ذلك الكميات المتجهة. وكلمة متجه او vector تعنى باللغة اللاتينية سائق او انه يوجه في اتجاه معين. وهذا النوع من الكميات لا يمكننى ان اصفه عن طريق رقم واحد. ولكنى احتاج لاكثر من رقم لاصف الكمية اللتى امامى.مثال على ذلك هي الازاحة: فاننى اذا طلبت منك ان تزيح كوبا من الماء موضوع فوق منضدة فارغة مسافة 50 سم فانت سوف تسألنى في اى اتجاه ينبغى ان تزيحه للامام؟ للخلف؟ لليمين؟ لليسار؟ فالازاحة تحتاج بجانب مقدار المسافة وهو 50 سم رقم اخر يعبر عن الاتجاه. وقد يكون هذا الرقم مثلا عبارة عن الزاوية اللتى يصنعها الاتجاه المقصود مع اتجاه الشمال الجغرافى مقاسة في اتجاه دوران عقرب الساعة. فعندما اقول مثلا ان عليك ان تحرك الكوب مسافة 50 سم بالزاوية 90 درجة فانني اعنى بذلك ان تحرك الكوب 50 سم في اتجاه الشرق. ولكن عموما فان المتجهات يتم التعبير عنها في الاحداثيات الكارتيزية بمجموعة ارقام يساوي عددها عدد الابعاد في الفضاء الموجود. ويعبر عن المتجه رياضيا بصورة مصفوفة ذات عمود واحد. مثال اخر قد يبدو غريبا للمتجه هو قياس البنطلون الجينز.حيث يعبرعن المقاس برقمين مثلا 36 : 34 فرقم يعبر عن الطول ورقم يعبر عن مقاس الوسط. اذن فقياس البنطلون الجينز كمية متجهة
ثم نأتى بعد ذلك للموترات او التنسورات. وهي كلمة مشتقة من الكلمة Tesnion بمعنى شد او توتر ولذلك تأتى الترجمة العربية اللتى قد تبدو غريبة بعض الشئ الموترات. و الموترات هي عبارة عن متجهات فائقة. بمعنى كما ان المتجه عبارة عن مجموعة من الارقام او الكميات القياسية فان الموتر هو عبارة عن مجموعة من المتجهات. مثال : عندما اطلب منك ان تزيح عصا طويلة موجودة فوق الطاولة في اتجاه ما. فان متجه واحد لن يكفى لوصف هذه العملية. لماذا؟ لان كوب الماء في المثال السابق يمكننا تخيله كنقطة واحدة.اما في حالة العصا فانها قد لا تحافظ بالضروة بعد ازاحتها على نفس الاتجاه اللتى كانت تاخذه قبل الازاحة. فمثلا قد تكون العصا تشغل في البداية اتجاه الشمال _ الجنوب ولكنها بعد الازاحة ينبغى ان تأخذ اتجاه الشرق _ الغرب. ومن هنا فاننا نري ان متجه واحد لايكفي لوصف هذه العملية بل نحن في حاجة الى مجموعة من المتجهات. ويعبر عن عن الموترات بصورة مصفوفة ذات صفوف و اعمدة.
ثم ان هناك درجة اعلى من الموترات وهي الموترات الفائقة وهي بدورها عبارة عن مجموعة من الموترات لوصف عملية ما.مثال لذلك اذا طلبت منك ازاحة عصا طويلة موضوعة على منضدة مسافة ما. وكما راينا ان هذه العملية تحتاج لموتر كما سبق ووضحنا. فاذا اضفت ان العصا بعد ازاحتها لن تحافظ على استقامتها بل انها ستأخذ شكلا مقوسا ما فاننا نري ان موترواحد لن يكفي لوصف هذه العملية بل اننا نحتاج الي مجموعة من الموترات او موتر فائق.
وهكذا فاننا نري انه لا توجد نهاية لهذه العملية و استطيع ان اعرف موترات فوق الفائقة وهكذا الى مالانهاية. وفي بعض الكتب نجد ان الكميات القياسية يتم توصيفها بانها موترات من الدرجة صفر اما المتجهات فهي موترات من الدرجة الاولى ثم ان الموترات العادية هي من الدرجة الثانية اما الموترات الفائقة فهي من الدرجة الثالثة وهكذا.
وهناك نقطة احب ان اشير اليها وهي ان الموتر في الفيزياء هو عبارة عن كمية فيزيائية حقيقية وبالتالى فهى تحافظ على قيمتها بغض النظر عن محاور الاسناد اللتى استخدمها لتوصيف هذه الكمية. ولهذه النقطة دور مهم في النظرية النسبية العامة. حيت ان جميع القوانين الفزيائية تحافظ على صورتها بغض النظر عن محاور الاسناد.
نقطة اخرى احب ان اشير اليها وهي انطباع شخصي وقد يكون خاطئا.انطباعى اوملاحظتى انه في الدول المختلفة يتم التعامل مع الرياضيات بروح مختلفة بعض الشىئ . فمثلا في مصر يتم التركيز بشكل كبير على الهندسة و الهندسة الفراغية وينبغى على الطالب ان ينمى قدرته على التخيل الفراغي وان يستطيع ان يتخيل شكل خطوط مساعدة غير موجودة في المسألة من اجل الوصول لحل مسألة ما. وهذا امر قد يبدو طبيعيا في بلد اقليدس واضع الهندسة الاقليدية.ولكن في بلد اخر مثل المانيا يتم التركيز على الرياضيات من جهة الجبر اكثر. فالمتغيرات والمعادلات تلعب الدور الاكبر وهذا طبيعيى في بلد هلبرت اللذي دعا الى تجريد الهندسة من الرسوم والصور. وملاحظتى ان التركيز في المدارس الالمانية لايكون على الهندسة الفراغية ولكن يتم التعامل معها بسطحية شديدة ولكن التركيز يكون بصورة اكبر على الهندسة التحليلية او الهندسة الجبرية اللتى يتم فيها تحويل المفاهيم الهندسية كنقطة وخط ومستوى الى معادلات جبرية متجهة. اي ان المتجهات تلعب هنا الدور الاكبر في وصف الهندسة. ثم تأتي بعد ذلك الهندسة التفاضلية اللتى تعبر عن هندسات اعقد من الهندسة الاقليدية كهندسة ريمان. وهنا يلعب التنسور او الموتر دورا كبيرا. وفي هذا الميدان يحتاج الانسان الى معلومات متطورة في حساب المتجهات وحساب الموترات والتفاضل والدوال بدلالة اكثر من متغير وتفاضل هذه الدوال تفاضل جزئي او تفاضل كامل.
في النهاية اضيف نقطة اخيرة وهي ان للموترات دورا هائلا في الفيزياءالحديثة. فاي كمية او اي قانون فيزيائى سليم يجب ان ياخذ صورة معادلات تنسورية بشكل او باخر. وقد يكون الموتر في هذه الحالة من الدرجة صفر او او واحد او اثنين او ثلاثة او اعلى من ذلك.