الحرب العالمية الأولي: شهادة رسوب

اذا اردنا ان تختار كلمة واحدة نصف بها الحرب العالمية الأولى واحداثها فستكون : الرداءة. ليس فقط لانها كانت فاسدة الأهداف والمقاصد -مع ان هذا فى حقيقة الامر أهم شئ-. بل لأن السعى وراء تحقيق تلك الأهداف والتقدير والتدبير لها تم بشكل ردئ. فمثلا مع أن الحرب العالمية الثانية كانت ايضا فاسدة الأهداف والمقاصد الا ان ادارتها تمت بشكل احترافي خصوصا من جانب المانيا اللتى حول قادتها العسكريون ادارة الحروب من فن يعتمد على الخبرات المتراكمة الى علم صارم. حتى ان رئيس اركان حرب الجيش الألمانى ومهندس الحرب العالمية الثانية الجنرال فرانز هالدر Franz Halder وبالرغم من خسارته الحرب فقد عينته الولايات المتحدة مستشارا عسكريا لديها لينقل اليها خبرات الجيش الالمانى. وبذلك نجا هالدر من محاكمات نورنبرج وتم استدعاءه كشاهد فقط مع انه قد حكم بالاعدام على من كانوا اقل منه دورا.

كانت حروب اوروبا الاستعمارية ضد العالمين الجديد والقديم سهلة نسبيا. فالخصوم كانوا ضعفاء بل وظن بعضهم ان الها ابيضا أتى من وراء البحار ليستعبد العالم. لكن عندما اصبح الامتحان صعبا رسبت الدول الاوروبية العظمى فى أول اختبار.

سقطت الدول العظمي فى التقدير السياسى للأمور. فقد اعمى الطمع عيونها وظن كل طرف ان الحرب لن تستمر سوى أسبوع أو اسابيع قليلة. وبحد اقصي لن تستمر الحرب حتى أعياد الميلاد ثم تعود الجيوش مرة اخرى مظفرة وبمكاسب استراتيجية مهمة. وظن كل طرف ان الخصم غير مستعد للقتال فى هذه اللحظة وسيسعى لعدم التصعيد. لكن سريعا ما ادركت الأطراف المختلفة أنها كانت مخطأة وأن الرياح لم تأت بما تشتهى به السفن وان الحرب ستطول. ولذلك بدأ البحث عن حلفاء جدد للأنضمام لجبهات القتال.

كانت الدولة العثمانية اول من دخل الحرب بجانب دول المحور. ولم تحتاج الى مجهود كبير فى اقناعها بذلك. فكانت خزانتها شبه فارغة. وكانت تعانى من الصلف والغرور اللذين تتعاملان بهما انجلترا وفرنسا معها.  وفى قلب ازمة يوليو عام 1914 كان وفدا من الدولة العثمانية يفاوض فى باريس للحصول على قرض من فرنسا. لكن بعد أن رجع الوفد بخفى حنين زاد حنق الدولة العثمانية. وزاد حنقها أكثر عندما صادرت انجلترا فى 1 أغسطس 1914 أي فى بداية الحرب مباشرة سفينتين للدولة العثمانية كانتا ذاهبتين للأسطول العثماني وبالرغم من أن جزء من ثمنهما كان قد تم دفعه بالفعل. وأدركت الدولة العثمانية انها ليس باماكانها ان تتجنب الخسارة من تلك الحرب الا عن طريق الأنضمام الى احد الطرفين المحاربين. واختارت الانضمام الى المانيا والنمسا-المجر لاعتقادها ان النصر سوف يكون حليفهما. فأغلقت الدولة العثمانية مضيق البوسفور امام دول التحالف. ثم بعد ذلك بأربعة أسابيع قامت سفينة تركية محاربة -مهداة من المانيا وكان طاقمها  كله من الألمان- باغراق سفينة روسية فى البحر الأسود. فاعلنت روسيا الحرب على الدولة العثمانية. وكذلك فعلت انجلترا وفرنسا. وبالمثل ردت الدولة العثمانية. وكان ذلك فى العام الأول من الحرب.

اما قمة المفاجئات فكانت دخول ايطاليا الحرب فى موقف ميكيافيللى بحت. فقد كانت ايطاليا قبل الحرب حليفا لألمانيا والنمسا-المجر لذلك كان طبيعيا ان تدخل الحرب بجانبهما. لكن ذلك لم يحدث. فعندما بدأت الحرب أعلنت ايطاليا انها علي الحياد مما اثار سخط المانيا والنمسا-المجر. لكنهما حاولا مرة اخرى استقطاب ايطاليا لهما. وكذلك فعل الطرف الاخر. وفى النهاية قبلت ايطاليا عرض دول التحالف اللذى وعدها بمكاسب حدودية من ضمنها منطقة جنوب تيرول اللتى اصبحت تابعة الى ايطاليا وبالرغم من ان اكثر من 70% من سكانها يتحدثون الالمانية حتى اليوم. ودخلت ايطاليا الحرب بجانب الحلفاء فى ابريل عام 1915 .

وكذلك كان الحال مع بلغاريا اللتى انضمت للمزاد واتتها عروض من الاطراف المختلفة للأشتراك فى الحرب. ودرست بلغاريا الوضع جيدا قبل ان تقرر فى اكتوبر عام 1915 الانضمام الى دول المحور وساهمت بلغاريا فى احتلال صربيا.  وكذلك كان الحال لكن على الجانب الأخر مع رومانيا اللتى وقعت اتفاقا سريا فى لندن للانضمام للتحالف مقابل مكاسب حدودية. واعلنت الحرب فى اغسطس 1915 ضد النمسا-المجر لكن كانت النتيجة ان احتلت دول المحور بوخارست فى نهاية نفس العام.

اما اخر الدول المنضمة للحرب فكانت أهمها وهى الولايات المتحدة الأمريكية. وكانت هى من حولت دفة الحرب لصالح دول التحالف. وكان ذلك فى ابريل عام 1917 . فقد كان الرئيس الامريكى  ويلسون يحاول جاهدا ان يدخل التاريخ كصانع سلام بين الدول الاوروبية المتناحرة. لكن السياسة الحربية الالمانية العنيفة اللتى كانت تصر على اغراق كل السفن اللتى تعبر الاطلسي من اجل تركيع انجلترا خلفت الكثير من القتلى الامريكيين المدنيين. بالاضافة الى نجاح المخابرات الانجليزية فى فضح اتصالات سرية بين المانيا و المكسيك لمحاولة التأمر ضد الولايات المتحدة. دفع كل ذلك الولايات المتحدة الامريكية الى دخول الحرب.

وكان هناك سقوطا أعلاميا. فقد نجح اعلام كل بلد في تصوير بلده وكأنها ضحية ومعتدى عليها واستطاع تجييش المواطنين لدعم البلاد اثناء الحرب. وسواء كنا نتحدث عن روسيا اوصربيا أو المانيا او فرنسا او النمسا-المجر او بلجيكا او انجلترا فالصورة نفسها. لكن عندما يكون البذخ فى الموت والخراب هائلا بينما يدعو الأعلام لربط الاحزمة وبذل المزيد من التضحيات فان هذا الوضع لايمكن ان يستمر طويلا. وكانت النتيجة ثورات مباشرة ازالت نظم الحكم فى روسيا و المانيا والنمسا-المجر. وهناك نوعان من الأعلام لا يأتى من وراءهم  خير ابدا: الاعلام الواقف على يمين السلطة والأعلام الشعبوى. سواء بسواء.

كان السقوط ايضا على مستوى التقدير الاستراتيجي. وربما يكون عذر اوروبا انها كانت على ابواب تجربة لا خبرة لها بها. كانت ظهرت العديد من الاسلحة الحديثة كالمدفع الرشاس. وكانت  تقديرات الاستراتيجيين انه سلاح هجومي هام يسهل العمليات الهجومية. لكنهم كانوا مخطئين. فالمدفع الرشاس سلاح دفاعي هام وليس هجومي. بحيث يستطيع شخصان فقط مسلحان به ايقاف فصيل كامل وافشال هجومهم. كان فون مولتكه رئيس اركان حرب القوات الألمانية محقا فى قوله ان اى حرب بين دول الصناعية الكبري ستكون كارثية و لا يمكن التكهن باحداثها أو عواقبها. ولم يكون هو الوحيد العاجز عن تصور شكل تلك الحرب فكل الباقىن لم يكن استطاعتهم  ايضا ذلك.

كان سقوطا على مستوى القيادة العسكرية حيث لم يكن القادة العسكريون على المستوى المطلوب وأرتكبوا العديد من الأخطاء القاتلة. فكثيرا ما تم خوض معارك راح فيها العديد من الضحايا بدون ان تكون لتلك المعارك قيمة استراتيجية تذكر. وكثيرا ما ارسل القواد وخصوصا الجنرالات الفرنسيون جنودهم الى حتفهم فارسلوهم جيث كان يوجد الجنود الألمان تماما فكانت خسائرهم فادحة. وسريعا ما تحولت الحرب على الجبهة الغربية الى حرب خنادق. فتمترس كل جانب فى الخنادق لا يتحرك قدما. وكثيرا ما اصاب القادة الملل ودفعهم الأحباط فى تحقيق نصر عسكرى الى ارسال جنودهم فى محاولة اختراق الجانب الاخر المرة بعد المرة. لكن كانت كل المحاولات تبوء بالفشل ويعود الطرف المهاجم بخسائر فادحة. وكان رئيس الاركان الالمانى مهتزا نفسيا ويخشى الهزيمة ولم يلتزم بالخطة المرسومة ووقع فى كثير من الاحيان فى اخطاء استراتيجية فادحة فاوقف هجومه الناجع ضد باريس اللتى كانت تتحضر للأستسلام لاعتقاده الخاطئ بقرب وصول الجيش الروسى للحدود الألمانية.

كان السقوط ايضا في الأستعدادات العسكرية. فقد كانت الكثير من الجيوش الاوروبية دون المستوي. فكان الجيش النمساوي-المجرى ثلثه فقط هو المجهز بشكل جيد ومستعد للقتال. وكان معظم الجيش الروسى فى حالة سيئة وكان معظم الجنود من الفلاحين الروس اللذين لم يطلقوا طلقة واحدة فى حياتهم قبل ارسالهم الى جبهات القتال. وكان الجيش الانجليزي قليل العدد نسبيا حيث كان تم الغاء الخدمة العسكرية الأجبارية ولذلك لم يتعد الجيش الأنجليزي في بداية الحرب 700 الف مقاتل. ولكنه كان مستعد بشكل جيد. الجيش البلجيكى لم يكن له شأن يذكر. الجيش الفرنسى كان قويا ولكنه لم يكن قد اكمل استعداداته. وكانت افضل الجيوش استعدادا هو الجيش الألماني واللذي كان عدده يربو فوق 2 مليون جندي فى بداية الحرب.

وكما كان الاداء رديئا فقد كانت النتائج رديئة جدا. فمن حيث عدد الضحايا كانت الخسائر مرعبة. وهناك ارقام موثوق بها تتعلق بعدد القتلى من الجنود الألمان و الأنجليز والفرنسيين. فقد فقدت المانيا فوق الاثنين مليون جنديا فى الحرب وخسرت انجلترا حوالى سبعمائة الف جندي اما فرنسا فقد خسرت فوق المليون و الثلثمائة الف جندي. وهناك ارقام غير موثوق بها تتعلق بعدد الجنود القتلى الروس و النمساويين-المجريين. فقد خسرت روسيا فوق الاثنين مليون جنديا وخسرت النمسا فوق المليون واربعمائة الف جندي. لكن يقدر المؤرخون ان هذه الارقام قليلة و أن الأرقام الحقيقية اعلى من ذلك بكثير.

أما اعداد القتلى من غير العسكريين من جراء تلك الحرب فهي أعلى من ذلك بكثير. فلم تكن هناك عائلة اوروبية تخلو من قتيل فقدته خلال تلك الحرب سواء كان اب او ابن او زوج او اخ او عم او ابن عم. وكان الأمر مرعبا حينما علمت الأسر كيف فقدت ابناءها. فلم يكن فى معظم الحالات الموت سريع. لكن كثيرا مابقى الجندي معلقا بين الاسلاك الشائكة فى احد الهجمات العنترية اللتى امرها بها قادته باتجاه المجهول مصابا ينزف من اثر اصابته النارية لا يقوى على العودة ادراجه ولا يستطيع زملاؤه تخليصه من هول القصف النيرانى العنيف. فيبقى مكانه حتى ان يقضى نحبه بعد ان نزف كل قطرة من دمه. ولم تستطع العائلات فى معظم الحالات دفن ابنائهم فبقوا فى مقابر جماعية سواء فى بلادهم او بلاد اعدائهم.

اما المصابين فكانوا اسوأ بمراحل. فاعداد المصابين كانت اضعاف اعداد القتلى. وهناك الكثير من عادوا باعاقات كاملة وفقدوا اطرافهم او بصرهم. فلم يعودوا قادرين على العمل. فعندما ذهبوا الى جبهات القتال كانوا اقوياء موفورين الصحة وعندما عادوا اصبحوا عبئا ثقيلا على اسرهم وزوجاتهم السيئين الحال من الأساس. وهناك الكثيرون اللذين تشوهت وجهوهم من  عنف القصف وتحولت سحناتهم الى اشكال مرعبة لم يكن اصحابها انفسهم يطيقونها. وكانت المستشفيات الموجود بها هؤلاء ممنوع دخول المرايا اليها حتى لا يرى المصابون انفسهم فتنتابهم حالات هيجان هيستيرية عنيفة.

هذا عن المصابين بالاصابات العضوية اما المصابون النفسانيون فكان عددهم هائلا. ونظرا للتقدم التكنولوجي وقوة القصف ظهر مرض نفسى جديد لم يكن معروفا من قبل يعرف ب shell shock او صدمة القذف. حيث يحدث للجنود المختبئين فى مخابئهم لفترة طويلة تتعدي الساعات والأيام لا يجرؤون على رفع رؤسهم و الخروج من مخابئهم خوفا من القصف العنيف ان يصابوا بحالة هيستيرة تدفعهم الى الصراخ و الجرى بعيدا للتخلص من ذلك العذاب المقيم. فتنتهى بهم اقدامهم الى نيران اعدائهم او يقعوا بين الشرطة العسكرية من بنى وطنهم فيظنون انهم فارون من ميدان القتال فتعقد لهم محاكمات فورية تنتهى باعدامهم فورا. ولم يفطن الاطباء الى ان هذا ليس فرارا من ساحة المعركة  ولكنه مرض نفسى يستوعب العلاج الا لاحقا. ولم يتلق كل العائدين من ميدان القتال العلاج. فكثيرا منهم كانت تصيبهم حالة رعب ويختبئون تحت الأسرة كلما سمعوا صوتا عاليا مفاجئا غير متوقع.

كما ان الخسائر الأجتماعية كانت مخزية. خاصة فى انجلترا اللتى كانت الغت خدمة التجنيد الاجبارية وعندما احتاجت الى الجنود كان اكثر المتقدمين من الاحياء العمالية الفقيرة فتقدم ابناء احياء باكملهم للجيش الانجليزي. ولذلك كانت خسائر بعض الأحياء او المدن دونا عن غيرها مروعة. كذلك كان الحال فى الطبقة الغنية. حيث دفع الاحساس الوطني لبعض الطلاب الانجليز الاثرياء الى التطوع فى الجيش فاصبحوا على الفور ضباطا فى الجيش الانجليزي. وكانت الخسائر من القتلى من هذه الفئة العالية المستوى الأجتماعى اعلى بكثير من غيرها حيث كانت نسبة القتلى من المنتمين الى جامعة كامبريدج حوالى 27% بينما نسبة القتلى فى المتوسط فى الجيش الأنجليزى كانت 16%. ولهذا يقول البعض ان انجلترا فقدت فى هذه الحرب خيرة ابناءها مما انعكس فى الازمة الاقتصادية العنيفة فى ثلاثينيات القرن العشرين حيث يقول البعض ان انجلترا لم تكن لها قيادة اقتصادية نابهة لانها فقدت جيلا كاملا اثناء الحرب العالمية الأولي.

وكان هناك سقوط اخلاقيا وجرائم حرب ومذابح ضد مدنيين غير مقاتلين في الحرب العالمية الاولى. واشهر هذه الحوادث حادثة يتم استخدامها كثيرا ضد تركيا اليوم. فقد كانت الدولة العثمانية تتكون من قوميات متعددة. وعندما خاضت حربها ضد روسيا كانت القومية الارمنية تشكل شوكة فى جانب الدولة العثمانية فهم من حيث الديانة كانوا مسيحيين كما روسيا وكانت علاقتهم متأزمة اساسة مع الدولة العثمانية. فقامت الدولة العثمانية بترحيلهم اجباريا. ويتهم الارمن الدولة العثمانية باقامة تصفية عرقية فى حقهم ويقارنوها دوما بجرائم النازية فى الحرب العالمية الثانية ويطلبون من تركيا  اليوم في المحافل الدولية التعويض و الأعتذار.

كما كان السقوط اقتصاديا. ولعله ليس من المناسب بعد ذكر كل تلك المصائب المتعلقة بالأرواح و الابدان ان نذكر المال. فالمال يمكن تعويضه لكن الخسائر السابقة لا يمكن تعويضها. لكن مع ذلك فالامر المالى له تاثيره الكبير على دوران حركة التاريخ ومصائر الشعوب. فطبعا اثناء الحرب اتجهت كل مقدرات الدول لتصنيع الاسلحة والذخائر وتزويد الجنود بالأطعمة والمؤن. وضعف الاهتمام او انعدم بالامور المدنية والتجارة الدولية. لكن الاخطر ان مولت كل الدول الاوروبية حربها من عن طريق سندات مالية اقترضت بها الاموال من الشعب بفائدة مجزية على اعتبار ان كل دولة بعد ان تفوز بالحرب سوف تحصل على تعويضات من الطرف الخاسر تعوض بها خسائرها بل وتكسب ايضا. لكن نظرا لان زمن الحرب طال فلم يعد ذلك ممكنا بالنسبة للدول الفائزة. وما ادراك اذن بالدول الخاسرة؟!  كانت النتجة المباشرة للحرب ان كل الدول المشاركة تعرضت لهزات اقتصادية خانقة. ولم يخرج كاسبا من تلك الحرب اقتصاديا سوى دولتان هما الولايات المتحدة الامريكية اللتى دخلت الحرب متأخرا واستطاعت حسم الحرب. اما الدولة الثانية فكانت اليابان واللتى لم تشارك فى الحرب طويلا واستغلت ضعف المانيا وانشغالها فى حربها الاوروبية فاستولت على كل مستعمراتها الاسيوية بدون مقاومة تذكر.

كانت النتائج وتبعات الحرب سيئة بصورة لا تكاد تصدق. وانتشرت الامراض بعد الحرب اللتى حصدت ارواح باضعاف ما حصدته الحرب الاصلية نفسها. فظهر فيروس خطير للانفلونزا يعرف بالانفلونزا الاسبانية. ظهر اولا بين احد الجنود الامريكيين الموجودين فى اوروبا وانتقل الى الجيش الانجليزي. وحيث ان الجيش الانجليزي كان يتكون من جنسيات عديدة من مختلف اصقاع الامبراطورية الانجليزية. فقد انتقل المرض الى الهند وافريقيا عند عودة الجنود الى اهلهم. فبلغ عدد القتلى في الهند وحدها ستة ملايين وفى افريقيا فوق المليون!

اما النكتة السخيفة واسوأ سقوط سقطته اوروبا بعد ان ادركت هول الكارثة وبعد ان سقط 20 مليون قتيلا جراء تلك الحرب فاقسمت اوروبا ان تكون هذه اخر الحروب من ذلك النوع وانشأت عصبة الامم المتحدة لاستباق حل اى نزاع قد يؤدي الى حرب عالمية جديدة. لكن مرة اخرى سقطت اوروبا. وبعد ان فقدت 20 مليون من جراء الحرب العالمية الاولى عادت وفقدت 60 مليونا خلال الحرب العالمية الثانية!