يوم الامتحان يكرم المرء او يهان.هذا المثل ينطبق ايضا على العلوم الطبيعية. فالنظريات العلمية مهما كانت جميلة او شيقة ومهما قبلنا افتراضاتها ممتعضين او موافقين فلابد في النهاية من ان تجتاز اختبار الواقع القائم.
و الحقيقة ان الاعتراضات على النظرية النسبية بشقيها الخاصة و العامة عند ظهورهما كانت ضخمة وهائلة ولكن النظرية اجتازت الاختبار الاهم وهو اختبار التجربة و الواقع. ولذلك فهي ارغمت الفيزيائيين عل قبولها طوعا او كرها. واليوم نتعرض ل 3 براهين تثبت مطابقة النظرية النسبية الخاصة للتجارب و الواقع القائم.
البرهان الاول: القنبلة الذرية و المفاعلات النووية
العلاقة E = m x c^2 اللتي اثبتها اينشتاين تعتبر من اشهر المعادلات على وجه الكرة الارضية. فهي المعادلة الفيزيائية الوحيدة اللتي تجدها مكتوبة على حوائط البيوت بطريقة الجرافيتي او تجدها مطبوعة على التيشيرتات اللتي يرتديها الشباب. وهذه المعادلة اللتي تدل على تكافؤ الطاقة و المادة قد تم استخدامها بشكل مريع ومروع في يوم 6 اغسطس عام 1945 حين القيت القنبلة الذرية الاولى فوق مدينة هيروشيما اليابانية و المرة الاخرى كانت يوم 9 اغسطس في العام نفسه حين القيت القنبلة الثانية فوق مدينة نجازاكي. وكانت القنبلة الاولى مصنوعة من اليورانيوم بينما كانت القنبلة الثانية من البلوتونيوم. ولكن فكرة عمل القنبلتين واحدة . فهي تقوم على ان ذرات اليورانيوم او البلوتونيوم تنشطر الى ذرات مواد اخف. وتكون كتلة الذرات بعد الانشطار اقل من كتلة ذرات اليورانيوم او البلوتونيوم الموجودة قبل الانشطار. ولكن فارق الكتلة يعوضه انبعاث طاقة هئلة طبقا للمعادلة المذكورة. و المفاعلات الذرية هي عبارة عن قنابل ذرية بطيئة. فالانشطار يتم فيها بسرعة اقل. فتتولد الطاقة بمعدل ابطأ بينما في القنبلة الذرية يكون تولد الطاقة سريعا.
البرهان الثاني: تمدد الزمن
وهي تجربة تمت باستخدام ساعتين ذريتين من السيزيوم متماثلتين تماما وضعتا في طائرات تجارية وطارتا لمدة 50 ساعة حول الكرة الارضية. الساعة الاولى طارت من الشرق الى الغرب بينما الساعة الثانية طارت من الغرب الى الشرق. وتمت مقارنة الساعات بساعة اخرى موجودة على الارض. فوجد العلماء ان الساعتين اللتين قد طارتا قد تأخر الزمن بالنسبة لهما تماما كما تقول النظرية النسبية.
التجربة الثالثة: الميونات
الميونات هي اجسام ذرية خفيفة. وهي ليست ثابتة فهي ذات عمر قصير وتفني بعد لحظات قصيرة من ولادتها. وتتكون هذه الميونات عند اصطدام اشعة الشمس بالغلاف الجوي. وتتحرك هذه الميونات بسرعة هائلة تقارب سرعة الضوء ولكن مع ذلك فان عمرها القصير لا يسمح لها ببلوغ مسافة بعيدة بالحسابات الكلاسيكية المباشرة ولذلك فهي لن تتمكن من الوصول الى سطح الارض. ولكن عمليا فانه يتم رصد كميات كبيرة من هذه الميونات فوق سطح الارض. و استطاعت النظرية النسبية تفسير هذه الظاهرة بدقة هائلة.
لتوضيح ذلك نضرب مثالا بالارقام. مع مراعاة ان هذه الارقام ليست دقيقة ابدا لكن الغرض منها هو التوضيح.
لنفرض ان الميونات تتكون على ارتقاع 300 كيلومتر فوق سطح الارض. وتتحرك الميونات بسرعة تقارب سرعة الضوء او 300 الف كيلومتر في الثانية. اذن فالميونات تحتاح الى واحد على الالف من الثانية حتى تصل الى سطح الارض. لكن حيث ان عمر الايونات هو نصف على الالف من الثانية فانها تموت في نصف المسافة بين مكان ميلادها وبين سطح الارض ولذلك لا تصل الى سطح الارض. فكيف استطاعت النظرية النسبية تفسير هذا؟
من وجهة نظر راصد على سطح الارض فهو يرى الميونات تتحرك بالنسبة له بسرعة عالية تقارب سرعة الضوء ولذلك يلاحظ ان الزمن يمر ببطء بالنسبة للميونات: فنصف على الالف من الثانية بالنسبة للميونات تبدو بالنسبة لراصد على سطح الارض اطول من ذلك بكثر! فهي تبدو كأنها واحد على الف من الثانية واطول من ذلك. وهذا الزمن يسمح للميونات بالوصول الى سطح الارض!!
ومن وجهة نظر راصد يتحرك مع الميونات فهو يري سطح الارض يتحرك بالنسبة له بسرعة عالية تقارب سرعة الضوء: ولذلك تبدو ال 300 كيلومتر وهي المسافة اللتي تفصل بين الميونات و الارض اقل من ذلك بكثير. فهي تبدو وكأنها 150 كيلومتر و اقل من ذلك. وهذا يسمح في نصف على الالف من الثانية من وصول الميونات الى سطح الارض!!
وفي الحقيقة فان مثال الميونات مثال رائع لانه يسمح لنا بضرب 4 عصافير بحجر واحد كما يقول المثل. فهو:
1 يوضح تباطؤ الزمن
2 يوضح انكماش الابعاد
3 يوضح ان النظرية النسبية تسرى ايضا على ظواهر خارج ميكانيكا نيوتن الكلاسيكية وخارج الظواهر الكهرومغناطيسية .
4 يوضح ان كافة الساعات على اختلاف طريقة عملها يسري عليها التباطؤ بنفس الكيفية. سواء كانت هذه الساعات ضوئية او بيولوجية او ذرية.