يقول البرت اينشتاين ان هناك نوعين من النظريات الفيزيائية. النوع الاول وهو النظريات الانشائية و اللتي تقوم على افتراض افتراضات اولية و بسيطة ثم تقوم باسقاط الواقع القائم على هذه الافتراضات او تركيبه و انشائه منها. مثال لهذه النوعية من النظريات نظريات الديناميكا الحرارية حيث تقوم اولا بطرح صورة مبسطة وهي ان المادة تتكون من جزيئات متحركة. ثم تقوم بتفسير او اسقاط ظاهرة الحرارة على حركة الجزيئات و تقول بان الحرارة ليست الا طاقة حركة جزيئات المادة. اما النوع الثاني من النظريات وهي النظريات القائمة على المبادئ وقوام هذا النوع من النظريات هو تعميم بعض المبادئ الفيزيائية ومن خلال هذا التعميم نستطيع ايجاد علاقات او معادلات رياضية تكون هي نقطة البدء لتفسير حقائق جديدة اخرى. و النظرية النسبية بشقيها الخاصة و العامة تنتمي لهذه النوعية من النظريات.
تقوم النظرية النسبية الخاصة على مبدأين اثنين لا ثالث لهما. المبدأ الاول هو تعميم مبدأ النسبية بالمعنى المقيد لنيوتن. وكان نيوتن قد قال ان قوانين الميكانيكا تنطبق بنفس الكيفية على اي مجموعات اسناد طالما كانت تتحرك بسرعة منتظمة في خط مستقيم . وهذا نلاحظه مثلا عندما نكون مسافرين في رحلة هادئة بالطائرة او بالقطار. حيث ربما تطير الطائرة بسرعة تزيد عن 1000 كم في الساعة لكننا مع هذا قد لا نلحظ شئ من هذه السرعة الفائقة طالما أننا لم نتعرض لمطبات جوية. بل نحن قد نشعر بأن الطائرة ثابته في مكانها و لا تتحرك بتاتا. ومن هنا فان جميع قوانين الميكانيكا تنطبق داخل هذه الطائرة المتحركة كما تنطبق على الارض الثابتة. وقد عمم اينشتاين هذا المبدأ فقال انها ليست قوانين الميكانيكا وحدها اللتي تسري بدون تغيير على مجموعات الاسناد هذه بل أن القوانين الفيزيائية كلها بدون استثناء ينبغي ان تسري ايضا داخل هذه الطائرة كما تسري على الارض الثابتة وبدون ادني تغيير. و الجدير بالذكر ان تحويلات لورنتر قد دعمت هذا المبدأ حيث اوضحت ان قوانين الكهرومغناطيسية تسري ايضا بدون أي تغيير على مجموعات الاسناد اللتي تتحرك بسرعة منتظمة في خط مستقيم.
اما المبدأ الثاني للنظرية النسبية الخاصة فهو الاقرار بان سرعة الضوء في الفراغ هي قيمة ثابتة بالنسبة لجميع مجموعات الاسناد و لا تتغير ابدا بغض النظر عن حركة او ثبات مصدر الضوء او حركة او ثبات مجموعات الاسناد. وكانت التجارب كلها ومنها تجربة ميكلسون و مورلي قد اكدت هذا المبدأ. وحار العلماء كثيرا في تفسير هذه الظاهرة . لكن اينشتاين لم يعني بأيجاد تفسير لهذه الظاهرة بل قال ان ما يعنيه فقط هو ان هذه حقيقة قائمة و اتخذها المبدأ الثاني لنظريته النسبية الخاصة.
وبهذا تنتهي المبادئ اللتي قامت عليها النظرية النسبية الخاصة. فالنظرية النسبية الخاصة ليست كما يدعي البعض بأنها نظرية معقدة ولا يدري كنها الا عدد محدود من البشر. بل هي نظرية سلسة يدرسها طلاب الفيزياء في الجامعات بكل يسر وسهولة وبدون اي مشاكل.
والامر اللافت للنظر ان هذين المبدأين بديهيان وواضحان و لا توجد أي مشكلة في تعميم أي منهما على حدة. ولكن عند دمج هذين المبدأين معا نجد اننا امام مشكلة. فاننا لا نستطيع التوفيق بين هذين المبدأين في نفس الوقت. وهنا ظهرت عبقرية اينشتاين حيث اكتشف ان العلة تكمن في قوانين الحركة القائمة انذاك واعاد اكتشاف قوانين ديناميكا الحركة مرة اخرة وتوصل لأن الزمن ليس مطلقا بل نسبي و متغير وكذلك الابعاد المكانية وكذلك الكتلة. ووضع معادلات رياضية توضح هذه الحقيقة . ومن الاشياء الغريبة ان هذه المعادلات اللي اوجدها اينشتاين كانت قائمة بالفعل قبله ومنها تحويلات لورنتر ولكنه اعاد اكتشافها مرة اخرى و من وجهة نظر مختلفة. كما انه استطاع التوصل الي نتائج جديدة مذهلة. وحتى اننا اذا فكرنا في دمج هذين المبدأين بصورة منطقية وبدون استخدام اي معادلات رياضية فاننا نستطيع ان نصل الى نتائج مذهلة وهذا هو سر جمال النظرية النسبية.