قام العلماء في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين باجراء العديد من التجارب و اللتي كان الهدف منها قياس سرعة الارض بالنسبة للأثير. و يمكن تلخيص الفكرة الاساسية لهذه التجارب كالأتي: لو تخيلنا مادة الاثير المفترضة كمحيط ضخم و الأرض كقارب صغير يمخر عباب هذا المحيط و نحن نحاول ان نحدد سرعة القارب بالنسبة لهذا المحيط. ففي حالة محيط و قارب فعليين يمكننا تحديد سرعة القارب عن طريق حساب السرعة بالنسبة لنقطة ثابتة على الشاطئ مثلا. و بقياس المسافة اللتي يقترب او يبتعد القارب بها عن الشاطئ في وحدة الزمن يمكن حساب سرعة القارب. لكن في حالة الاثير فلا يوجد شاطئ يمكن الاستناد اليه. بل الحالة هنا اشبه بالأبحار في محيط هائل لا شاطئ له.
فكرة اخرى لكي نخلق نقطة ثابتة فيمكننا ان نلقي بعوامة في الماء لتقوم بدور النقطة الثابتة اللتي تسند المسافات اليها. لكن في حالة الاثير لا يمكننا عمل هذا. فأننا اذا القينا شئ في الفضاء فانه لن يقف ثابتا ابدا. بل حسب القانون الاول لنيوتن سيبقى متحركا بسرعة منتظمة في خط مستقيم الى ابد الابدين. وهنا فكر العلماء في فكرة اخري وكانت كالأتي اننا سنقوم بالقاء جسمين في الماء امام وخلف القارب فستنشأ موجتان مائيتان امام القارب وخلفه واذا قسنا سرعة انتشار هذه الموجات بالنسبة لنا فلابد ان يوجد اختلاف لاننا نتحرك بالقارب في اتجاه الموجات القادمة من الامام و نبتعد عن الموجات القادمة من الخلف.
مثال بالارقام: اذا قسنا سرعة الموجات القادمة من الامام فكانت 50 كم في الساعة وقسنا سرعة الموجات القادمة من الخلف فكانت 30 كم في الساعة فتكون السرعة الحقيقية للموجات هي السرعة المتوسطة و تساوي 50 زائد 30 مقسومة على اثنين فتكون النتيجة 40 كم في الساعة. وتكون سرعة القارب الحقيقية 10 كم في الساعة. ولذلك تبدو الموجات القادمة من الامام وكأنها تتحرك بسرعة 50 كم في الساعة لأن 40 زائد 10 تساوي 50 كم في الساعة و المثل بالنسبة للموجات القادمة من الخلف.
نعود الأن للأثير فكيف يمكننا عمل موجات تشبه موجات الماء في الأثير؟ الأجابة انه الضوء. فالضوء كان ينظر له في هذه الفترة من الزمان على انه موجات او دوامات في طبقة الأثير. والكرة الأرضية في دورانها حول الشمس اشبه بقارب يبحر فاذا قسنا سرعة الضوء القادم من الأمام و قارناه بموجات ضوئية اخري قادمة من الخلف او من اي اتجاه اخر فلابد ان نلاحظ اختلافا في سرعة الضوء
اول من قام بتصميم تجربة لعمل هذا كان العالم الفرنسي فرسنل اللذي حاول استغلال ظاهرة انكسار الضوء لقياس سرعة الارض بالنسبة للأثير. كيف هذا؟ نعلم ان سبب الانكسار في منشور زجاجي هو اختلاف السرعة اللتي ينتقل بها الضوء في الهواء عنها في الزجاج فسرعة انتشار الضوء في الزجاج اقل منها في الهواء.
مثال بالارقام: اذا افترضنا سرعة الضوء في الهواء 30 اما سرعة الضوء في الزجاج 20 بنفس الوحدة فيكون معامل الانكسار 30 مقسوم على 20 او 1.5 اما اذا افترضنا ان الارض تتحرك في الفضاء بسرعة 10 في اتجاه شعاع الضوء اذن تكون سرعة الضوء في الهواء 30 زائد 10 تساوي 40 اما سرعة الضوء في الزجاج فتكون 20 زائد 10 تساوي 30 اي يكون معامل الانكسار 40 قسمة 30 او 1.33 وهي قيمة تختلف عن القيمة الاولي . اما اذا كانت الارض تتتحرك مبتعدة عن شعاع الضوء الواصل للمنشور الزجاجي فتكون سرعة الضوء 30 ناقص 10 تساوي 20 اما سرعة الضوء في الزجاج فتكون 20 ناقص 10 فتكون النتيحة النهائية 10 ويكون معامل الانكسار يساوي 20 مقسومة على 10 فتساوي النتيجة النهائية 2 وهي قيمة تختلف تماما عن القيم السابقة, وحاول فرسنل القيام بهذه التجربة و اثبات وجود اختلاف في معامل الانكسار بناء علي موضع المنشور الزجاجي في المكان. ولكن فرسنل لم يستطيع اثبات وجود اي اختلاف في معامل الانكسار تبعا لموضع المنشور الزجاجي في المكان.
وحاول فرسنل تبرير الاخفاق في قياس اي اختلاف في معامل الانكسار بأفتراض ان هناك نوعان من الأثير : اثير موجود في الفراغ حر و أثير اخر محبوس داخل المنشور الزجاجي وتركيز الأثير المحبوس اعلي منه في حالة الاثير الحر فتكون دائما قيمة معامل الانكسار ثابتة
لكن هذا اللافتراض كان فيه تكلف واضح خصوصا ان معامل الانكسار يختلف بالنسبة للألوان المختلفة فاللون الاحمر ينكسر بصورة تختلف عنها في حالة الضوء الازرق مما دعا فرسنل الي افتراض ان كمية الاثير المحبوسة في حالة الضوء الاحمر تختلف عنها في حالة الضوء الازرق والتكلف في هذه الافتراضات واضح.
ثم اتي العالم الامريكي ذو الاصل البولندي ميكلسون و قام بتصميم جهاز لتسجيل الاختلاف في سرعة الضوء و لا يعتمد على خاصية انكسار الضوء ولكنه يعتمد على ظاهرة تداخل الضوء. فهو كان يفصل شعاع الضوء باستخدام مرآة نصف عاكسة و نصف شفافة الى شعاعين يسيران في اتجاهين متعامدين ثم بعد مسافة متساوية قام بعكس الشعاعين ليلتقيا مرة اخرى ويحدث تداخل بينهما. فاذا كانت سرعة الضوء مختلفة في الاتجاهين المتعامدين نتيجة لحركة الارض فيجب ان تكون نتيجة التداخل في شعاعي الضوء مختلفة عنها لو كانت سرعة الضوء في الاتجاهين الثابتة
لكن كانت المفاجاءة ان نتيجة التداخل كانت دائما واحدة. وحاول ميكلسون ومورلي ان يبينا من هذا ان طبقة الأثير لا تبقى ثابتة بل ينبغي ان تتحرك مع حركة الأرض. ولكن هذا يتعارض مع ظاهرة الزيغ الضوئي و اللتي اكتشفها برادلي من قبل. وبقى هذا التخبط قائما حتى اتى اينشتاين بالنظرية النسبية الخاصة وقال ان سرعة الضوء ثابتة بغض النظر عن اي شئ اخر كما ان الاثير لا وجود له.