أنقاذ “الوحش” و”النظرية الهائلة”

كانت للرياضيات دائما فائدة عملية ما. حتى فى العصر الحجري كان للحساب اهميته القصوي. فكان على الانسان ان يحصى ثروته يوميا ليعلم ماقد زاد عليها او نقص منها. فربما كان هناك حيوان مفترس يهدد وجوده. وكان لمعرفة الحساب والمبادئ الأساسية للجمع والطرح دور اساس في صراع الانسان من أجل البقاء. وأول ألة حاسبة عرفتها البشرية كانت خطوط منحوتة على عظام ذئب. وتشهد بذلك الأدلة الأثرية من تلك الحقبة.  وعندما تطورت الانسانية كثيرا ووصلنا الى دولة متقدمة كالدولة المصرية القديمة. كانت للرياضيات فائدة عظيمة. فقد كان فيضان النيل يأتى رهيبا  مروعا كل عام يغمر الأراضي ويزيل الحدود ويكنس الفواصل. ولكم ان تتصورا أهمية اعادة ترسيم حدود الأراضى بنفس الهيئة اللتى كانت عليها قبل الفيضان فى مجمتع زراعي. ومن هنا تطورت علوم المساحة و الهندسة. وظهر اثر ذلك فى العمران واقامة الصروح الضخمة. ثم لعبت الرياضيات عند الأغريق دورا أهم من عد الشاة والدجاج او فى تخطيط الحياة. فاصبحت هى الدين والفلسفة وهى من تجيب عن اسرار الحياة. فظهرت المدرسة الفيثاغورثية اللتى رأت ان خواص الرياضيات هى من تحدد السعادة او التعاسة الجمال او القبح. ثم أتت الثورة الصناعية اللتى كانت ثورة العلوم وأكدت ان الرياضيات هى أهم وأمضى اسلحة العلم وبدونها لا يمكن للعلوم ان تتطور ومن المستحيل الحفاظ على هيئة حياتنا بدون الرياضيات.

لكن ما أدركته العلوم أيضا انه لكى تستفيد من الرياضيات باقصى درجة ممكنة فيجب تحرير الرياضيات من كل عقالاتها. بل وحتى من قبضة العلوم نفسها. فالرياضيات ليست موجودة لخدمة الواقع ولا لتنظيمه. بل ان الرياضيات هى عالم قائم بذاته وليس عالم الرياضيات جزءا من عالم العلوم. بل أن العكس هو الصحيح. فعالم العلوم هو جزء بسيط من من عالم الرياضيات. والعلوم مهما بلغ شأنها لا يمكن أن تبطل نظرية رياضية. ولكن العكس هو الصحيح.

لكن كيف تنشأ الرياضيات اذا كانت فعلا مستقلة عن الواقع بهذا الشكل؟ الأجابة: عن طريق العقل فقط! فالرياضيات الحديثة هى أسمى اشكال استخدام الذكاء الخالص اللذي يقوى البشر على تقديمه. وأعنى هنا ما يطلق عليه علماء علم النفس منظومة الذكاء الثانية المعقدة والمتطورة واللتى هي تختلف عن ذكاء البداهة اللذى يختزن تراكمات كل الخبرات الحياتية ويقدمها فى شكل سريع. وهنا تأتى الصعوبة الحقيقية فتخليص الرياضيات من البداهة امر صعب. فالبداهة كانت في الماضي هى العنصر الأول اللذى دفع الرياضيات الى الأمام وساهم فى تطويرها. أما فى الرياضيات الحديثة المجردة فتشكل الأن البداهة عبئا عليها ولم تعد عونا لها.

دعونا نرى مثالا على ذلك. ولنأخذ الهندسة مثلا. انها تتحدث عن  اشياء مثل النقطة والخطوط المستقيمة. لكن ما معنى نقطة؟ ان اباء الهندسة الاوائل اعتمدوا على بديهة المستمعين وانهم  كلهم سيفهمون نفس الشئ. لكن ما هو الضمان أن أنا وأنت نتصور تحت مفهوم النقطة نفس الشئ تماما؟ ربما لا يكون ذلك حقيقيا! ودعونا نرى ماذا قال اقليدس العظيم عن تعريفه للخط المستقيم فى تعريفه الرابع من كتاب العناصر: “المستقيم هو خط يتطابق مع مع استواء النقاط اللتى تقع فوقه”.  لكن ما معنى ذلك؟ وما معنى كلمة استواء؟  انه مرة أخرى يعتمد على بديهة المتلقي. لكن الرياضيات الحديثة تأخذ مسارا غير ذلك. فهي عندما تتحدث عن النقطة او الخط المستقيم  فأنها لا تتحدث عن تلك النقطة اللتى تقطن فى بديهتنا! مع ذلك  ربما تكون تلك النقطة اللتى فى بديهتنا لا تتعارض مع مفهوم النقطة فى الرياضيات الحديثة. بل وربما تكون هى أصل الفكرة. لكنها ليست هى ما تعبر عنه. اننا هنا نفترب الى حد ما من فلسفة افلاطون حول مفهوم الأشياء. حيث قال أن هناك عالمين: هما عالما الحقائق والظواهر. ومفهوم النقطة هو مفهوم حقيقى قاطن في عالم الحقائق . لكن ما ندركه عنها فى عالم الظواهر هو طبعة رديئة وتحريف للفكرة الأساسية الأم!. ما أقصده هنا أن الرياضيات الحديثة عندما تتحدث عن النقطة والخطوط المستقيمة فانما هي تتحدث عن افكار مجردة. حتى وان كان ذلك جافا وصعبا على التخيل. لكن فائدة ذلك اننا نستطيع ان نصل الى نتائج تتعلق بامور لانستطيع ان نتخيلها اساسا. مثلا نحن لا نستطيع ان نتخيل سوى أربعة  ابعاد. واذا شئنا الدقة فهى ثلاثة ابعاد ونصف فقط. وهى الأبعاد المكانية الثلاثة: الامام والخلف. اليمين واليسار. الأعلى والأسفل. ثم الزمن فاننا نستطيع ان ندرك الماضى فقط. اما المستقبل فاننا لانستطيع ان ندركه. أم مافوق ذلك من أبعاد فلا يمكننا ان نتخيله ببديهتنا أبدا. لكن بالنسبة للرياضيات كل ذلك سيان. سواء كنا نتحدث  عن الماضى او المستقبل او عن مليون بعد! فبأمكان الرياضيات ان تتعالم مع مالانهاية من الابعاد  بصورة منطقية مجردة!

والمثل بالنسبة للعمليات الحسابية. فنحن نعلم ان مجموع العدد خمسة زائد العدد اثنين يعطى العدد سبعة. لكن ما معنى سبعة وما معنى خمسة وما معنى أثنين؟ وما معنى مجموع؟ بل ما معنى عدد أساسا؟ اننا مرة اخرى نتعامل مع بديهتنا. لكن الرياضيات الحديثة لايهمها كل ذلك. فالخمسة والاثنين والسبعة هى مجرد اعراض لفكرة العدد. ومجموعهما قد لايكون سبعة فى رياضيات اخرى صحيحة ايضا. ولذلك علينا ان نذهب وراء تلك الاعداد ونتسامى عنها. ودعونا نصل الى أصل الرياضيات. وهنا نجد ان الأعداد لا تشكل اصل الرياضيات. لكن الرياضيات قائمة على دعامتين: هما المنطق ونظرية المجموعات! والمقولة الأساس في نظرية المجموعات ان هناك شئ اسمه المجموعة تحتوي على عناصر . وتضع مسلمات بشكل مجرد توضح علاقة هذه الثلاثة الكلمات في الجملة الرئيسية ببعضها البعض: “مجموعة تحتوي عناصر“.  وبناء على هذه القاعدة المجردة. نستطيع ان نبنى مفاهيم جديدة كالعدد خمسة أوالخط المستقيم! وهنا قد نستطيع ان نصل الى علاقات مشتركة لأشياء نظن انه لا رابط بينها: ولتكن فواعد بحور الشعر العربى مع اساسيات نظرية الأوتار الفائقة!

اذن “مجموعة تحتوى عناصر” هو أصل كل شئ فى الرياضيات. ثم تبدأ الرياضيات فى رسم صور أكثر تعقيدا فنصل الى مفهموم الزمرة والمصطلح باللغة الأنجليزية هو group. واذا شئنا فلنقل اننا ننتقل الأن من المجموعة الى الجماعة! لكن ما هو الفارق؟. المجموعة ترجمتها فى اللغة الانجليزية set. وفى اللغة الألمانية لغة جورج كانتور مؤسسس هذا الفرع من الرياضيات هي Menge وترجمتها الحرفية “كمية”. وعرفها بأنها باقة من الاشياء. لكن الجماعة او الزمرة تشترط شيئين:
1 اولا ان تكون هناك مجموعة : بشر مثلا.
2 والشئ الثانى ان يكون هناك عملية ثنائية تربط كل اثنين منهم بحيث تكون نتيجة هذه العلاقة شيئ -شخص- ثالث من نفس المجموعة!
ذلك بالأضافة  الى مجموعة نقاط فنية اخرى لكنها لاتهمنا اليوم.

ومثال للزمرة: زمرة الاعداد الصحيحة. فهى تحتوي اولا على مجموعة الأعداد الصحيحة . اما العلاقة او العملية الثنائية المذكورة فهى عملية الجمع. حيث ان نتيجة جمع اى عددين صحيحين هو عدد صحيح ثالث من ضمن نفس المجموعة!

ثم دعونا نرى مفهوم جديد وهو مفهوم التماثل Symetry. والبعض يترجمه على انه التناظر. والأخر على أنه التماثل. وأنا أفضل التماثل. فهو يعبر عن التطابق الذاتي.  فماذا تعنى اذن زمرة التماثل؟ من العرض السابق نعلم ان اي زمرة لابد أن تحتوي علي مجموعة وعملية ثنائية فما هما هذان الأمران فى حالة زمرة التماثل خاصة؟ دعونا نرى ذلك بالتفصيل ودعونا نبدأ بمجموعة زمرة التماثل.

المجموعة من حيث المبدأ قد تحتوى على أى شئ: من الأبرة الى الصاروخ. أمور معنوية او مادية! اما فى حالتنا الأن فهى عبارة عن مجموعة العمليات اللتى يمكن أن نجريها على شئ لنعود به الى سيرته الأولي! مهلا! ماذا يعنى ذلك تحديدا؟

دعونا نتخيل شئ ما. وليكن مكعب سحرى. هذا المكعب يقدسه قوم ما ويضعونه فى مكان ما. ويضعون حارسا على المكعب  ليمنع الناس من ملامسة المكعب وتغيير وضعه. ولنتخيل الأن ان الحارس هو اول أنسان يخون الأمانة المكفولة اليه ويدنس المكعب كل يوم. بأن يديره 90 درجة حول المحور الرأسي. فكيف يمكن للناس ان يكتشفوا خيانة الحارس؟ طبعا لا توجد طريقة لاكتشاف ذلك فعند ادراة المكعب فانه يأخذ نفس الحجم فى الفراغ اللذي كان يشغله قبل ذلك. ومالم نضع علامات مختلفة على اسطح المكعب لما أكتشفنا انه تم تغيير موضعه. ثم فى اليوم الثانى يدير الحارس المكعب مرة اخرى بيحث يصنع 180 درجة حول المحور الرأسى من وضعه الأصلي وفى اليوم الثالث 270 درجة. وفى كل مرة لايمكن اكتشاف ما فعله الحارس بسبب تماثل المكعب! لكن الحارس لا يستطيع ان يدير المكعب 360 درجة لأنه بهذا يكون لم يخدع أحدا فالمكعب قد عاد الى وضعه الأصلى تماما.

لكن تبقى فى جعبة الحارس حيل أخرى فيستطيع ادارة المكعب حول محوريه الافقيين.المتجهين من اليمين الى اليسار من ناحية. ومن الأمام الى الخلف من ناحية أخري. ليأخذ فى كل مرة وضعا مخالفا لوضعه الأصلى لكن لايمكن فضح ذلك الأمر. ووجد الرياضيون 23 حركة مختلفة يستطيع الحارس ان يجريها كل اليوم بدون أن يفتضح أمره.  أي ان بامكان الحارس ان يخدع الجماهير لأكثر من ثلاثة اسابيع ولا يفتضح أمره. لكن الرياضيون فى حقيقة الأمر لايعدون 23 حركة فقط فى مجموعة التماثل بالنسبة للمكعب ولكن 24 . فهم يعتبرون أن لايفعل الأنسان اى شئ هى أيضا احد الحركات الممكن أجراؤها!  ومن المهم والطريف ان نلاحظ ان الرياضيين عندما يتحدثون عن التماثل فانهم لايتحدثون مباشرة عن تلك الخاصية فى اشياء متماثلة كالمكعب ولكنهم يتحدثون عن الحركات الممكن اجراؤها ولا تتغير هيئة الشئ الاصلي. طبعا أوكد مرة اخري ان عناصر مجموعة التماثل ليست مخصوصة بتحريك المكعب فقط. بل هي معنية بجميع العمليات الممكن تخيلها على جميع الأشياء فى الكون الممكن تخيلها ولا تتغير هيئتها. وقد يكون هذا الشئ كلمة عربية مثال “باب” فالعملية المقصودة هى ان نكتبها من اليمين الى اليسار او العكس!

لكن ماذا عن العملية الثنائية اللتى تربط بين اى عنصرين من عناصر مجموعة التماثل؟ هذه العملية هى ان نلحم عنصرين من العناصر السابقة معا. مثلا يستطيع الحارس ان يدير المكعب حول محوره الرأسى 90 درجة ثم يديره حول احد محوريه الأفقيين 90 درجة فتكون النتيجة حركة جديدة مركبة. وهذه الحركة لا تغير من هيئة المكعب وبالتالى هى احد عناصر مجموعة التماثل! فليس بامكان الحارس ان يخدع الجماهير 23 يوما فقط . بل اياما عديدة حيث يستطيع ان يركب حركات جديدة من العناصر ال23 سابقة الذكر ولو اعطينا ل 23 حركة حرفا هجائيا من الألف الى اللام. فستشكل تلك الحركات المركبة كلمات ك:  أب أو باب أو  كلب أو سعر الى أخره. فهنا نصنع لغة جديدة حتي وان كانت ليست لكل الكلمات متعارف عليها.

وكما تلاحظون ان زمرة التماثل  تتقاطع مع أشياء عديدة في حياتنا ولذلك يمكن استغلالها فى أمور كثيرة. وبالفعل فلهذه النظرية الرياضية استخدامات شديدة الأهمية فى الفيزياء. فاستغلها احد الفيزيائيين لوصف قانون ثبات الطاقة. كما ان هذه النظرية هامة جدا فى أطار نظرية الكم . حيث من خلالها تم افتراض ووجود  عديد من الجسيمات الاولية واللتى اكدت التجارب وجودها بعد ذلك. ومفهوم التماثل تقوم عليه نظريات هامة فى الفيزياء المعاصرة.

ربما يكون كل ما سبق جميلا حتى الأن. لكن ما علاقة كل ماسبق ذكره بهذا العنوان العجيب: انقاذ الوحش والنظرية الهائلة ! اذن دعونا نتعرف على عناصر العنوان بالتفصيل ودعونا نبدأ من الخلف للأمام. ودعونا نبدأ بالنظرية الهائلة.

النظرية الهائلة أو ال enormous theorem  هي أكبر نظرية عرفتها الرياضيات عبر تاريخها. برهان هذه النظرية احتاج الى 180 سنة. ويقع البرهان فى خمس عشرة الف صفحة!! .  اما نص هذه النظرية الهائلة فانه قصير ويتعلق بزمرة التماثل اللتى تعرضنا لها سابقا. ويقول نص هذه النظرية أن أي زمرة بسيطة منتهية تنتمى الى احدى أربع عائلات كبيرة ذكرتهم بالأسم. والزمرات البسيطة المنتهية المذكورة هى زمرات التماثل اللتى قدمنا لها. ومعنى بسيطة انها تتكون من ابسط العناصر الممكنة. كما في حالة ال 24 حركة الخاصة بالمكعب . فمن هذه الحركات يمكن تشكيل حركات مركبة. فهذه الحركات اشبه بجزيئات العناصر الأولية فى الجدول الدوري فى الكيمياء اللتى منها تتشكل جميع  المادة فى الكون. ومعنى منتهية انها تهتم بحالات مثل المكعب او المربع حيث ان التماثل نحصل عليه من حركات معينة محدودة, لكن مثلا فى حالة الدائرة فيوجد تماثل ولكنه لانهائي. فلا يوجد حد ادنى من اجل ان نحصل على التماثل. فاذا ادرنا الدائرة بأى درجة لبقت متماثلة دائما.

وماذا عن الوحش؟ تقسم النظرية التماثل فى الكون الى اربع عائلات كبري. وكما فى قواعد اللغة الفرنسية نجد ان أفعال اللغة الفرنسية جميعها تقع فى اربعة مجموعات. ويطلق على المجموعة الرابعة المجموعة الشاذة. كذلك الحال فى النظرية الهائلة فأن زمرة التماثل تقسم الى اربع عائلات مع مراعاة ان العائلة الرابعة ليست عائلة بالمعنى الصريح ولكنها عائلة شاذة تحتوي على 26 زمرة فرعية. واشد هذه الزمرات الفرعية شذوذا وغرابة يطلق عليها أسم الوحش Monster . وهى زمرة عجيبة جدا فهى تتكون من 10 مرفوعة للأس 53 من العناصر. وهى لا تسري الا على أشياء تحتوي على الأقل على 196833 بعدا! وهذه اشياء من المحال تخيلها بداهة. قد كتب احد الفيزيائين ان لديه رغبة عميقة ولكنها لاتستند على شئ مادي ان تجد الفيزياء بشكل أو بأخر استخداما لهذا الوحش فى الطبيعة فى القرن الواحد وعشرين.

لكن ماذا عن الأنقاذ؟  هذه النظرية تم اثباتها فى ثمانيات القرن الماضى. فى ماراثون رياضى شارك فيه العديد من الرياضيين. وكانت الحقبة الأكثر اثمارا تقع بين خمسينات وثمانينات القرن الماضي. ويطلق بعض الرياضيين مازحين علي هذه الفترة حرب الثلاثين عاما. ويشيرون بذلك الى الحرب اللتى كانت قائمة فى اوروبا فى قرون قبل ذلك. والمشكلة اليوم . ان ذلك الجيل اللذى ساهم فى انجاز البرهان فى طريقه للأنقراض. ولذلك فكر الرياضى جورنشتاين Gorenstein أن يجمع برهان تلك النظرية اللذى يقع مبعثرا فى 15 الاف صفحة بين ابحاث ومقالات وكتب مختلفة لايوجد رابط بينها. مكتوبة فى ازمنة مختلفة وبأساليب مختلفة فى أن يجمع هذا البرهان بين ضفتى عمل واحد. والأ فان الاجيال القادمة لن تستطيع ان تحصل على هذا البرهان. وستكون امام أمرين.  اما ان تقبل بأن هذه القضية مبرهنة دون القدرة هى على أعادة برهانها. وهذا يعتبر أيمان أعمى يخالف كل قواعد وأعراف الرياضيين . واما ان يعيد  الرياضيين الحالين اعادة اختراع العجلة ويعيدون برهنة  تلك النظرية بنفس الطريقة أو بطريقة أخري. وهذا ايضا أمر شبه مستحيل. وأستطاع جورنشتاين تجنيد اربعة رياضيين اخرين هم اخر من يعلم بتفاصيل هذا البرهان كاملا. وهم مازالوا على قيد الحياة. وان كانوا الأن فى السبعينات من عمرهم. وقد فارق جورنشتاين الحياة بعد ذلك بسبب مرض السرطان.

وخططت هذه المجموعة لكتابة برهان النظرية فى احد عشر مجلدا. وف هذا العام عام 2016 من المنتظر ان ينتهوا من المجلد السابع وذلك بعد ثلاثين عامين من بدء العمل فى كتابة هذه المجلدات. أي أنهم انتهوا تقريبا من نصف العمل. وهم مازالوا منكبين على العمل مع انهم يعلمون انهم لن يطول بهم الأجل حتى يروا نهاية مشروعهم مكللة بالنجاح. لكنه فقط اخلاصهم لقضية ولحلم هو اللذي يدفعهم الى مواصلة المشوار حتى نهاية أعمارهم.

وقد تعرضت هذه المجموعة لنقد قاس حيث قال احد الرياضيين ان ما يفعلونه هو اضاعة وقت. فحتى لو أنتهوا من مشروعهم فلن يقرأه احد ابد كاملا. فلا يوجد شاب رياضى مستعد ان يضيع عمره الأكاديمي كله من أجل أن يقرأ عملا واحدا. وهذا دفع المجموعة الى ترك مشروعهم مؤقتا وتأليف كتاب اضافى انتهوا منه فى عام 2011 وهذا الكتاب مكون من 350 صفحة. وهو  يوضح الخطوط العريضة للبرهان الحقيقى لبرهان النظرية. بدون ان يقدمه بشكل صارم.

كما استطاعت هذه المجموعة الرباعية من تجنيد رياضيين اصغر عمرا ليساعدوهم فى مشروعهم ذلك بعد ان تركوا وصية رياضية لكى يعمل زملائهم وتلامذتهم الشبان عليها.