بريطانيا فى الحرب العالمية الثانية

سنتعرف اليوم على أطول دولة شاركت فى الحرب العالمية الثانية بصورة رسمية وهى بريطانيا. فقد دخلت بريطانيا الحرب العالمية الثانية في 3 سبتمبر عام 1939 وذلك بعد يومين فقط من هجوم هتلر على بولندا. وفي حين أننا نجد أن ألمانيا قد أستسلمت قبل شهور قليلة من أنتهاء الحرب العالمية الثانية  فان بريطانيا قد بقت فيها حتى 2 سبتمبر عام 1945 وهو اليوم الرسمى لأنتهاء تلك الحرب باستسلام اليابان. أما باقى الدول فاما أنها قد خرجت من الحرب قبل نهايتها كبولندا أو دخلت اليها متأخرة كالأتحاد السوفيتى أوالولايات المتحدة الأمريكية أواليابان. وأما أنها قد دخلت اليها متأخرا وخرجت منها مبكرا كأيطاليا. ويمكننا ان نعتبر فرنسا حالة خاصة حيث دخلت الحرب في بدايتها وخرجت منها سريعا ثم عادت اليها مرة أخرى قبيل النهاية بعد سقوط حكومة فيشي

ونظرا لطول الموضوع اليوم وكثرة الأحداث اللتى يمكن سردها وحتى لا تتوه منا دفة الموضوع فدعونا نرسم أولا الخطوط العريضة لحديثنا: سنبدأ اولا ببداية الحرب ثم سنعلق على تلك البداية في ضوء طبيعة بريطانيا الخاصة. فبداية الحرب اثرت على مجراها اللاحق بشكل كبير. كما كانت لطبيعة بريطانيا الخاصة دور اساس فى تحديد ذلك المجرى. فلو كانت تلك البداية قد حدثت في بلد اخر لحصلنا على نتائج مختلفة تماما. ثم سنتحدث حول مسار الحرب مع ألمانيا تحديدا وذلك من خلال أربعة نقاط:

  1. الحرب الجوية
  2. الحرب البحرية
  3. الحروب البرية على أراضى دول ثالثة
  4. حروب التجسس والأكتشافات العلمية.

لكن علينا أن نلاحظ أن بريطانيا لم تكن تحارب ألمانيا فقط ولكنها كانت تخوض فى نفس الوقت حربا فى أسيا ضد اليابان. بيد أننا لن نتعرض لتلك النقطة اليوم وسنرجئها حتى موضوعينا القادمين حول الولايات المتحدة الامريكية واليابان. كما أننا لن نتحدث حول الحرب البرية المباشرة ضد  ألمانيا اليوم. وهذه النقطة سوف نرجئها حتى حديثنا حول الولايات المتحدة الأمريكية وانزال النورماندي. ثم فى النهاية سنتحدث عن خاتمة الحرب وسنصل نهاية الموضوع بمقدمته.

أبتدأت الحرب العالمية الثانية كما سبق وذكرنا فى 1 سبتمبر عام 1939 بهجوم المانيا على بولندا وتتحمل بريطانيا مسئولية كبيرة فى اندلاع تلك الحرب وذلك بسبب سياستها المتخاذلة تجاه هتلر. حيث ان بريطانيا المنهكة تماما من الحرب العالمية الأولى كانت تريد تجنب حربا جديدة ضد ألمانيا بكافة السبل. فكانت تتبع مع هتلر سياسة استرضاء لم تزده الا شرها وطمعا.  بل أن بريطانيا قامت نفسها بتزويد هتلر بسفن حربية ضاربة باتفاقية فرساى اللتى وقعت عليها بنفسها عرض الحائط وذلك في مقابل مصالح اقتصادية ضيقة. فانتهى الحال بان  صارت المانيا قبيل الحرب العالمية الثانية اكثر مساحة وعدد سكان واشد عدوانية وتطرفا بكثير من تلك المانيا قبل بدء الحرب العالمية الأولى. فقد طلبت النمسا الأتحاد مع المانيا واصبحت الامبراطورية النمساوية العظمى سابقا مجرد أقليم المانى على الحافة. وقام هتلر باحتلال التشيك مخالفا بذلك كل تعهداته السابقة وحول السلوفاك الى تابع صغير يدور فى الفضاء الألماني. ثم اتى الدور على بولندا حيث افتعل معها مشكلة ولاح أن هناك حرب جديدة قائمة على الأبواب وان المانيا سوف تحتل بولندا أو اجزاء منها.

فقط عندما لاحت بوادر الحرب وقعتا بريطانيا وفرنسا معاهدة دفاع مشترك مع بولندا. وأعلنتا انه فى حالة دخول هتلر الحرب ضد بولندا فأنه سيكون فى نفس الوقت فى حرب ضدهما. لكن هتلر لم يكن يأبه لأنجلترا او لفرنسا. ووقع بدوره معاهدة سرية مع الأتحاد السوفيتى يقتسمان فيها بولندا فيما بينهما. وبالفعل فى 1 سبتمير عام 1939 بدأ هتلر هجومه على بولندا. ووجهت بريطانيا انذارها الأخير لهتلر. وحيث أنه لم يأبه لذلك الانذار فأعلنت بريطانيا الحرب على ألمانيا فى يوم 3 سبتمير .

لكن بخلاف أعلان الحرب رسميا فان بريطانيا وفرنسا لم يفعلا شئ كثير لمساعدة بولندا وتركاها تتمزق بين الدب الروسى والماكينة الألمانية. ولم تستطع بولندا ان تقاوم طويلا. فسقطت المدن البولندية سريعا باستثناء وارسو اللتى استغرقت بعض الوقت. لكن فى المقابل فأن الألمان دمروا وارسو بالكامل. وبذلك تعتبر وارسو من أوائل العواصم اللتى تم تدميرها فى الحرب العالمية الثانية.

ومع أن حربا فعلية بين بريطانيا وألمانيا لم تحدث فى سنة 1939 ولكن فى السنة اللتى تليها. مع ذلك فقد سقط ألاف من الضحايا الأنجليز قتلى وجرحى في تلك السنة!  وما سبب عدد الضحايا الكبير هو التعليمات بالأظلام الكامل اثناء الليل لحرمان الطيران الألماني من ان يحدد أهدافه بسهولة. فكان ممنوع على جميع المنازل ان ينبعث منها ضوء اثناء الليل. وكانت هناك شرطة مخصوصة تمر على البيوت للتأكد من هذا الأمر. وكانت الناس تتبرم من هذه الشرطة أكثر من تبرمهم من هتلر نفسه! وكان ممنوع على السيارات ان تستخدم الضوء اثناء السير ليلا! فتسبب هذا الأمر فى وقوع الألاف من القتلى والجرحى. فقد اخذ الانجليز الأمر بالجدية الانجليزية منذ اليوم الأول -وان كان فى الفروع ليس فى ألأصول- .فحذرت بريطانيا رعاياها من اندلاع الحرب. وكان هناك تخوف من أن تكون الحرب العالمية الثانية حربا تستخدم فيها الأسلحة الكيميائية كما كانت الحرب العالمية الأولى. ولذلك قامت الحكومة البريطانية بتهجير الأطفال من العاصمة لندن. وفى اليوم الأول للحرب ظهر انذار كاذب بهجوم جوي ألمانى على لندن اثار فزع المواطنين.

اما الخطة الأنجليزية والفرنسية الأبتدائية فكانت محض خيالات. كان هم القيادتين هو أبعاد الحرب عن أراضى بلديهما لأقصى درجة ممكنة. فكانت خطتهما تطمح الى منع الأمدادات الأساسية اللتى تأتى الى هتلر عن طريق السويد وذلك عن طريق تلغيم الممرات المائية اللتى تمر بالقرب من الدنمارك والنرويج. وكان اكبر المتحمسين لهذه الفكرة قائد البحرية الأنجليزية فى ذلك الوقت وينستون تشرشل. لكن هذه الخطة فشلت فشلا تاما. فقد دفع هذا الأمر المانيا الى احتلال الدنمارك والنرويج. بل وحتى ان الدنمارك سقطت فى ساعات قليلة. أما القوات الأنجليزية والفرنسية فقد تم أسرها وتحويل جزء منها الى هتلر لكى يستعرضهم فى عرض خاص كما كان الرومان يفعلون فى العبيد اللذين كانوا يأسرونهم فى حروبهم معهم. اما الجزء المتبقى فقد تم تصويره لعرضه فى قاعات السينما الألمانية. كانت البداية كارثية لأنجلترا وكانت الفضيحة العسكرية والأهانة جد كبيرة.

لكن دعونا نرى تلك البداية الكارثية من وجهة نظر بريطانيا. ودعونا نتذكر انها كانت اكثر المواقف انحطاطا بالنسبة للأمبراطورية الأنجليزية اللتى تمرمغ أنفها فى التراب. فبريطانيا هى من أقدم الدول الديموقراطية فى العالم. بل أنها من أقدم الدول على الأطلاق سواء كانت ديموقراطية أو غير ديموقراطية. وقد يتعجب البعض من ذلك الكلام لأن الكثيرين يخلطون بين الدول و الشعوب أوالدول و الحكومات. والبعض يسخر مثلا من الولايات المتحدة الأمريكية لأنها دولة بلا تاريخ لكن دولة الولايات المتحدة الأمريكية اقدم من جميع الدول العربية على ألأطلاق. لذا قد تبدو بعض قوانينها غريبة مضحة لأنها بالية فى غاية القدم قد تم استنانها فى زمن قديم فى سياق مختلف عن اليوم.

وقد يحتج قارئ وماذا عن مصر والعراق مثلا فقد قامت فيهما دول عظيمة منذ الأف السنين؟ في الحقيقة ان مفهوم دولة يشترط عدة اشياء. منها شعب يعيش فى هذه الدولة. سواء اشخاص بانفسهم ثم ابنائهم وذرياتهم ونسلهم من بعد. كما تشترط الدولة حدودا جغرافية ثابتة عبرالسنوات. كما انها تشترط نمط حكم معين يحدد خريطة السلطة داخل تلك الدولة. او بمعنى أخر دستور او عقد اجتماعى ثابت. ومن هنا نرى ان الدولة المصرية الحالية ليست لها اية علاقة بالدولة الفرعونية القديمة ولا للدولة العراقية الحالية علاقة بالدولة البابلية. وحتى فرنسا مثلا فهى اليوم الجمهورية الخامسة وليست لها علاقة ابدا بفرنسا فى عهد نابليون. مع ان الشعب لم يتغير وقلب الحدود الجغراقية ثابت لم يتغير.

وليس موضوعنا اليوم عن الدول الديموقراطية ولكن دعونا نبرز أن ما يميزها هوان تغيير الحاكم  فيها يتم بسهولة. وليس هذا من جهة الشعب فقط بل من جهة الحاكم أيضا. فهو يعلم ان خروجه من السلطة ليس معناه دخوله الى القبر او الي السجن. والوصول الى قمة السلطة فى بلد ديموقراطى لاشك انه شئ له قيمته ولكنه ليس دخول الجنة وليس الفرد مستعد لتقديم الغالى والنفيس من اجل الوصول الى هذا المنصب. كما أن الخروج منه ليس معناه الدخول الى الجحيم. فان يكون المرء البرت اينشتاين او بل جيتس او ستيف جوبز افضل من ان يكون المرء باراك اوباما او دونالد ترامب فى امريكا. ولذا نجد ان اينشتاين عزف عن ان يكون اول رئيس لاسرائيل عندما عرض عليه هذا الأمر. ونجد أنه من فترة بسيطة ان الرئيس الفرنسى السابق أولاند عزف عن ان يخوض انتخابات رئاسية لفترة ثانية مع أن هذا كان من حقه قانونا.

أما فى بريطانيا فكان فى تلك الفترة على رأس السلطة تشامبرلين اللذي كان رئيس وزراء بريطانيا. وبسبب خسارة الحرب فى النرويج تعرض لهجوم حاد وانتقادات شديدة داخل البرلمان الأنجليزي. وكان ذلك حتى من اصدقائه من داخل حزب المحافظين اللذين لم يستطيعوا أمام ضخامة الهزيمة ان يدعموه. وقال له احد اعضاء البرلمان انت طلبت من الشعب الأنجليزي أن يضحى والأن التضحية مطلوبة من شخص واحد وهو أنت!  المطلوب منك ان تتخلى عن منصبك. وهنا حدث شئ كان لا يمكن تصور حدوثه فى ألمانيا او فى أيطاليا الديكتاتوريتين في ذلك الزمن. حيث تخلى تشامبرلين عن منصب رئيس الوزراء ليفسح المجال لقيادة جديدة. وطبعا ما سهل هذا القرار على تشامبرلين انه كان يعلم انه لن يخرج من السلطة الى القبر او الى السجن. وكان المرشحان لخلافته هم هاليفاكس وتشرشل. كان هاليفاكس الاقوى سياسيا والأقرب الى ان يكون رئيس وزراء بريطانيا ولكنه هو نفسه لم يرغب فى أن يشغل هذا المنصب فلم يكن هناك بد من تكليف تشرشل بهذه المهمة.

تشرشل

تشرشل

وربما يكون تشرشل على خلاف ما يتوقع البعض. فليس هو ذلك الرجل الذكى العبقري اللذى لا يشق له غبار وصانع الانتصارات دائما. فهو كان فى أحيان كثيرة غير ذلك. فبالرغم من أن تشرشل كان أبن لعائلة ثرية فكان أبوه سياسى بريطانى شهير وكانت أمه ابنة مليونير أمريكي. وبالرغم من أن تشرشل زار ارقى المدارس الأنجليزية فكان تلميذا سيئا جدا. كان تحصيله العلمى ضعيفا ورسب عدة سنوات مما اصاب اباه بالاحباط. وكان تشرشل لا يتحدث عن تلك الفترة من حياته باى فخر ويقول انه كان يكره المدرسة. وعندما أنهى المدرسة لم يستطع ان يجد اي دراسة جامعية بسبب ضعف علاماته الدراسية فلم يجد الا سلاح الخيالة فى الجيش. اللذى كان يتندر البعض حوله بأن المال هناك أهم من العقل حيث ان الخيول غالية الثمن! لكن الديموقراطيات لاتنجح لأن من على قمة السلطة هم اشخاص عباقرة. بل لأن النظام الديموقراطى هو العبقري.

اذن فى وقت تولى تشرشل السلطة لم يكن كثير من الناس يفضلون ان يصبح تشرشل رئيس الوزراء لأنه من وجهة نظرهم انسان متهور عصبي وربما أخرق. وكان الناس يتذكرونه بهزيمة بريطانيا فى موقعة جاليبولى فى الحرب العالمية الأول ضد تركيا. وهي كانت اكبر هزيمة لبريطانيا فى تلك الحرب وكان تشرشل يتحمل قدرا كبيرا من المسئولية عن تلك المعركة. وهذه المعركة هى اللتى ظهر فيها اسم مصطفى كمال أتاتورك لأول مرة وكان ضابطا صغيرا فى ذلك الوقت. ولكن فى النهاية انتصرت بريطانيا فى الحرب العالمية الأولى والأمور تقاس بنهاياتها.

وكان لتشرشل ايجابياته. فهو كان رجل قوى يستطيع ان يملى ارادته. وكان طوال الوقت يحذر من هتلر وسلوكه العدائى قبل ان تقوي شوكته ولكن احدا لم يكن يستمع اليه. كما كان خطيبا مفوها يستطيع جذب الجماهير حوله. وهو حصل على جائزة نوبل فى الأداب بسبب كتابه من ستة اجزاء حول الحرب العالمية الثانية -وان كانت هناك دراسات حديثة تقول ان هناك اجزاء كبيرة من الكتاب ليس تشرشل هو كاتبها. ويشير الكتاب الى الانتصار الاخلاقى لبريطانيا فى الحرب العالمية الثانية. فهو يريد ان يشيد ببريطانيا ليس لانها تملك خير أجناد الأرض ولا أنها كانت تمتلك ارقى الأسلحة المتطورة. لكن لأنها صمدت وحيدة فى مواجهة المانيا وعلى الرغم من اغراءات المانيا لها. فهتلر لم يكن يريد غزو بريطانيا وكان دائما يعرض عليها وقف اطلاق النار وانهاء الحرب. كان هتلر من البداية يريد غزو الشرق: دول اوروبا الشرقية والأتحاد السوفيتى. وكان يريد من بريطانيا فقط ان تتقبل الأمر الواقع. لكن كان تشرشل دائما يرفض عروض هتلر ويصر على الحرب حتى النهاية. ولاشك أن فى هذا امر ايجابي. لكن فى نفس الوقت -على الأقل بالنسبة لى – من الصعب ان أتقبل دور بريطانيا الأخلاقى فى نفس الوقت اللتى كانت تستعمر فيها معظم دول العالم. وكان تشرشل نفسه من أقوى المؤيدين لمشاريع الأستعمار. ومن الأمور المميزة لتشرشل ايضا انه كان يحب اللغة الفرنسية ويتحدث بها بطلاقة كانه احد ابنائها. ويذكر التاريخ حديث تشرشل للفرنسيين  فى الراديو باللغة الفرنسية بعد هزيمتهم من المانيا بأن الشمس سوف تشرق على فرنسا من جديد. كما يذكر التاريخ حواره مع ديجول حين اختلف معه حيث هدده وكأنه احد زعماء كبار عصابات المافيا وهدده بأنه سوف يصفيه اذا وقف فى طريقه.

Si vous m’obstaclerez, je vous liquiderai!

لكن حتى بعد تولى تشرشل المسئولية لم تتوقف هزائم بريطانيا أمام المانيا. فقد كان الدور التالى على فرنسا. وأمدت بريطانيا فرنسا بمئات الالاف من الجنود ليقاتلوا تحت القيادة الفرنسية. لكن الهزيمة هذه المرة كانت مروعة ولولا ان القدر كان رحيما وكانت الأحوال الجوية سيئة لهلك الجنود الأنجليز جميعا. فكانت القوات الانجليزية تفر من امام القوات الألمانية وتلقى بنفسها فى الماء لتنقذها سفن البحرية الأنجليزية. لكن فى هذه المرة لم تكن القيادة الأنجليزية هى من تتحمل المسئولية بشكل مباشر ولكنها كانت القيادة الفرنسية. ثم أى الدور على بريطانيا.

دعونا نذكر بأنه فى حقيقة الأمر لم تكن هناك خطة أساسا او نية عند هتلر لغزو بريطانيا. كان هدف هتلر كما سبق وقلنا هو الأتحاد السوفيتى واوروبا الشرقية. وما كان يريده من بريطانيا فقط هو أن تقبل الأمر الواقع. لكن تشرشل كان يرفض ذلك وكان مصرا على محاربة المانيا حتى النهاية. وابتدأ الطيران الألمانى يدك انجلترا. واراد هتلر بهذا الأمر ان يضرب عصفورين بحجر واحد. فهو بهذا يضغط على بريطانيا ويدفعها لأن تقبل الأمر الواقع. والهدف الثانى انه كان يستغل حربه ضد بريطانيا كتمويه لحربه الأساسية اللتى يزمع ان يشنها ضد الأتحاد السوفيتى. اذن لم تكن هناك خطة المانية لأرسال قوات برية الى بريطانيا. كما لم تكن هناك خطة انجليزية لأرسال قوات لمحاربة القوات الألمانية اللتى كانت تقف امامها مباشرة على الساحل الفرنسى. فقد كانت بريطانيا تحترم المانيا عسكريا كثيرا وتقدر ان قواتها البرية ليست جاهزة لمواجهة القوات الألمانية القوية.

قصف فورتسهايم

قصف فورتسهايم

اذن كانت الحرب مع بريطانيا فى اولها حرب جوية. كانت التكتيكات العسكرية فى زمن الحرب العالمية الثانية تختلف كثيرا عنها اليوم. ولم يكن للطيران عند بدء الحرب العالمية الثانية دور دفاعى يذكر. كان ينظر الى سلاح الطيران كأنه يد طولى يمكن فردها فوق اراضى الخصم لألقاء القنابل فوقها لألحاق اكبر قدر من الخسائر بالخصم واضعاف الروح المعنوية لدي شعبه .وظن كلا الطرفين الألمانى والبريطاني انه بأمكانهم كسب الحرب عن طريق الحرب الجوية فقط. لكن هذه النظرة اثبتت فشلها سريعا. فمع وجود اسلحة دفاع جوى متطورة على الأرض كان بالامكان اسقاط كل الطائرات المهاجمة بسهولة نهارا. ولذا لم يتبق وسيلة فعالة لاستخدام سلاح الطيران سوى باستخدامه ليلا. لكن تحت ظروف الظلام والغيوم اللتى تغطى السماء الألمانية والأنجليزية وتحت الظروف التقنية البدائية لسلاح الطيران كان لا يمكن اصابة الأهداف بدقة. يقول احد الطيارين الانجليز المشاركين فى الحرب العالمية الثانية انه كان من المستحيل اصابة الأهداف على الأرض بدقة افضل من 8 كيلومتر.

كانت البداية الألمانية قوية أستطاعت تدمير عدد كبير من المطارات الأنجليزية وقصفت لندن بضراوة ودمرت جانب من القصر الملكى. وأصبحت لندن بجانب وارسو وروتردام واحدة من اكثر من خمسين مدينة قام الطيران الألمانى بقصفها خلال الحرب العالمية الثانية. لكن بريطانيا مع ذلك لم تستسلم. ثم اتت قبلة النجاة لبريطانيا حين قدر هتلر ان الوقت يمضى سريعا وان عليه ان يغزو الأتحاد السوفيتى الأن قبل ان تضيع اللحظة الفارقة وأن بريطانيا لم يعد هناك خوف منها. فوجه هتلر جم طيرانه باتجاه الأتحاد السوفيتى وترك المجال مفتوحا للقوات البريطانية .

قامت بريطانيا بقصف المدن الألمانية ايضا بقسوة. وكان جانب من ذلك لأجل الأنتقام من الشعب الألمانى وايصاله رسالة بأن الحرب ليست نزهة وانهم كما يؤلمون شعوبا غيرهم فأن الألم سيصل ايضا الى الشعب الألماني. وكان هناك استاذ اقتصاد بريطاني قدم لتشرشل نصيحة بأن الحرب ستتوقف اذا اصبح ثلث العمال الألمان اللذين يعملون فى انتاج الأسلحة بلا مأوي فى الشارع. ولم تكن للأنجليز القدرة على اصابة أهدافهم بدقة كما سبق وذكرنا. فكانت الطائرات البريطانية تقوم بقصف المدن بكامل المساحة.  وهذه الطريقة فى القصف تعتبر من جرائم الحرب اليوم. فتم فى البداية تدمير مدن ألمانية ساحلية كروستوك ولوبيك. وفى الهجوم على مدينة كولونيا الشهيرة شارك في الهجوم اكثر من ألف طائرة بريطانية فى نفس الوقت فى مشهد قذف الرعب فى قلوب الألمان. كما تم قصف وتدمير مدن صناعية عديدة كبراونشفايج وهامبورج وبرلين. كانت الخسائر البشرية الألمانية من القصف البريطانية عالية جدا. حيث انه لنتيجة تلك الطريقة فى القصف كانت تنشأ حرائق متجاورة على مساحة كبيرة ثم بسبب ظاهرة فيزيائية تنشأ أعاصير من النار تقضى على المنطقة بأكملها. ولم يكن هناك أى امل في ان ينجو انسان من تلك النيران. فتلك النيران لا تنطفئ الأ بعد ان تقضى على منطقة باكملها.

وفى السنة الأخيرة من الحرب اخذ القصف البريطاني لألمانيا جانب يمكن ان نقول عنه ان له شكل اجرامي. فقد تم قصف مدنيين عزل بعد ان انهارت وسائل الدفاع الجوى الألمانية. ومع ان الأسلحة المستخدمة كانت تقليدية وليست نووية الا انه بسبب عواصف النيران اللتى كانت تحدث كانت الخسائر البشرية عالية جدا. فى مدينة فورتسهايم القريبة منى حيث اسكن تم قتل حوالى 20 الف مدنى تم حرقهم جميعا أو ماتوا بسبب الحرارة العالية فى هجوم واحد استمر حوالى ربع الساعة فقط. وكذلك كان الحال فى مدينة دريسدن اللتى كانت تعج بالاجئين الألمان الفارين امام القوت الروسية  فى الشهور الأخيرة من الحرب وبدون اهمية استراتيجية وعسكرية تذكر. أما فى هامبورج فقد اشتعلت الأنهار والخلجان نفسها وكان من يلقون بانفسهم فى المياه هربا من الجحيم يحترقون ايضا. فى النهاية يقول الخبراء العسكريون ان الهجوم الجوى البريطانى وبالمشاركة الامريكية القوية لم يأت بنتائجه المأمولة فلم يتوقف الانتاج الحربي الألماني ولم يقل ابدا. ولكنه اتى بالانتقادات لبريطانيا بعد انتهاء الحرب فيما يمكن وصفه بجرائم ضد الأنسانية.

قصف براونشفايج

قصف براونشفايج

أما الصورة الثانية المهمة لحروب بريطانيا فى الحرب العالمية الثانية فهى الحرب البحرية. فالأسطول البريطانى كان وربما لا يزال اقوي الأسلحة البريطانية. وظهور بريطانيا فى التاريخ مرتبط الى حد كبير باسطولها البحرى. حيث أنها كانت مجرد دولة صغيرة على حافة اوروبا لا يأبه لها احد. كان يعيش أهلها على العمل فى ألبحار وكانت خارجة من حرب أهلية حين قررت أسبانيا المملكة العظيمة فى ذلك الوقت احتلال انجلترا. لكن المفاجاءة الكبيرة هى ان تنتصر انجلترا فى تلك الحرب وذلك بتضافر عناصر عديدة منها ان قيادة الجيش الاسبانى كان عليها ظابط صغير بلا خبرة كما أن الحظ حالف انجلترا بصورة لا تصدق.

كما ان القوات  البحرية الأنجليزية لعبت دورا كبيرا فى الحرب العالمية الأولى. فمن اسباب دخول بريطانيا الحرب هو زعمها بأن المانيا تقوى اسطولها الحربى بصورة عدائية تجاه انجلترا. لكن فى حقيقة الأمر كانت قوة الاسطول البريطانى اضعاف قوة الأسطول الألمانى. حيث قام الأسطول الانجليزي بمحاصرة شواطئ المانى طوال الحرب العالمية الأولى  لتجويع الشعب الألمانى واجباره على الأستسلام ولم يقوي الأسطول الألمانى على فك هذا الحصار. لقد قامت معركة بحرية واحدة كبيرة بين الأسطولين انتصر فيها الأسطول الألمانى وكانت خسائر الأسطول البريطانى اضعاف الأسطول الألمانى مع ذلك ادرك الألمان ان انتصار جديد مثل هذا وسوف يختفى الأسطول الألمانى. وذلك بسبب الفرق بين حجم الاسطولين كالفارق بين عملاق وناشئ صغير.

ولذلك عندما قامت الحرب العالمية الثانية فكر الألمان فى سلاح بحري غير تقليدي لأن لألمانيا ليست لها القدرة على مواجهة الأسطول البريطانى بشكل مباشر فتفتق ذهن السلاح البحرى الألمانى على فكرة استخدام الغواصات. كانت الغواصات معروفة منذ وقت طويل وتم أستخدامها وقت الحرب العالمية الأولى ولكنها لم تكن تستخدم على نطاق واسع. واتت الألمان فكرة استخدام مجموعات من الغواصات كقطعان الذئبان وارسالها اتجاه فريسة معينة. فكان من الصعب اكتشاف وجود الغواصات لأن التقنيات فى ذلك الزمن لم تكن متطورة. وبمجرد ان تقترب قطعان الغواصات من هدفها تصعد الى السطح حيث يصعب التعامل معها وهزيمتها. وتم استخدام الغواصات الألمانية هذه المرة من اجل تجويع بريطاينا وتركيعها ومحاصرة شواطئها كما فعلت بريطاينا فى الحرب العالمية الاولي. فقامت غواصات ألمانيا بأغراق جميع سفن الشحن اللتى تصل الى بريطانيا من مستمعراتها المختلفة حول العالم. وحققت ألمانيا فى بداية الأمر نجاحات عظيمة وأغرقت مليارات الأطنان من الشحنات القادمة الى بريطانيا. ولم تستطع انجلترا حل هذه المعضلة الا بصعوبة بالغة وبمساعدة حاملات الطائرات البريطانية و الأمريكية اللتى كانت تصاحب السفن الانجليزية وذلك حتى قبل دخول الولايات المتحدة الأمريكية الحرب العالمية الثانية وذلك تحت دعوى حماية حرية التجارة. ولم تستطيع بريطانيا القضاء على خطورة الغواصات الألمانية الا بعد ان طورت تقنيات تكنولوجية متطورة كأجهزة الرصد السونارية اللتى تمكنها من التعرف على الغواصات الألمانية تحت الماء وطورت اسلحة جديدة تمكنها من التعامل مع الغواصات بدقة.

أما الحرب البحرية التقليدية  فقد حرصت بريطاينا على أن تبقى سيدة البحار. فدمرت الأسطول الأيطالى فور دخول ايطاليا الحرب. وقامت بتدمير الأسطول الفرنسى غيلة وغدرا في الجزائر حيث ان فرنسا لم تكن فى حالة حرب مع بريطانيا. وكان ذلك بعد ان استسملت فرنسا. وخشت بريطانيا ان تحصل ألمانيا على الأسطول الفرنسى المتطور. وفى نهاية الأمر يمكننا ان نقول ان الحرب البحرية قد كسبتها بريطانيا فى النهاية. وهى كانت حربا دفاعية وكانت حرب بقاء.

أما بالنسبة للحروب البرية فيمكننا ان نقول ان القوات البريطانية كانت تحترم القوات الألمانية كثيرا وتتجنب ان تخوض معها حربا مباشرة وحتى بعد ان اصبحت القوات البرية الألمانية بقبالة القوات البريطانية بعد أن أحتلت المانيا فرنسا. كانت بريطانيا تريد دائما خوض حروب برية غير مباشرة على اراض دول ثالثة بعيدا عن الأراضى الأنجليزية. فكانت اولا حرب النرويج والدنمارك وانتهت كما سبق وذكرنا بهزيمة  مذلة لانجلترا وتغيير حكومتها. ثم كانت الحرب على اراضى فرنسا وبليجكا وانتهت ايضا بهزيمة مذلة لأنجلترا. وبعد ان اعلنت ايطاليا الحرب على بريطانيا يمكننا ان نقول انه كانت هناك قاعدة تقول انه كلما هزمت المانيا بريطانيا في معركة بحثت بريطانيا عن ايطاليا لتوسعها ضربا. فأبتدأ الأمر بتحالف بريطانيا مع اثيوبيا لأخراج ايطاليا من هناك وبالفعل استطاعت القوات الاثيوبة والبريطانية اخراج ايطاليا من هناك. وعندما قررت ايطاليا غزو اليونان هزمتها انجلتر هزيمة ساحقة مما دفع القوات الألمانية الى الأنضمام الى الحرب وحولت انتصار بريطانيا فى اليونان الى هزيمة واحتلت المانيا اليونان كما احتلت بعد ذلك جزيرة  كريتا. كما ارادت ايطاليا غزو مصر واحلال الاحتلال الانجليزي هناك باحتلال ايطالي. لكن القوات الأنجليزية الموجودة هناك مع قلة عددها استطاعت هزيمة مئات الألاف من الجنود الأيطاليين وتبديد شأنهم واحتلت بريطانيا ليبيا حتى وصلت الى تونس. وهذا دفع الألمان مرة اخرى للتدخل لمناصرة ايطاليا. فتم ارسال قوات المانية بقيادة القائد الشهير رومل فحول مرة اخرى انتصار بريطانيا الى هزيمة. ودارت حروب مهمة فى شمال افريقيا انتهت فى النهاية بانتصار بريطانيا تحت قيادة مونتجمري. وبامكان القارئ ان يراجع ما كتبناه حول موضوع ايطاليا.

كما عملت القوات الانجليزية على القضاء على المستعمرات الفرنسية فى سوريا ولبنان بعد استسلام فرنسا وكان هذا سبب غضب ديجول كما أشرنا سابقا حيث كان يشعر ان بريطانيا  تصطاد فى الماء العكر وتستغل فرصة ضعف فرنسا لالتهام مستعمراتها.

لكن حتى بعد هزيمة القوات الألمانية فى شمال افريقيا فى حرب العلمين. وكانت القوات البريطانية اضعافا مضاعفة بالنسبة للقوات الألمانية وتفوقها تسليحا فى جميع الأسلحة. وبعد ان تم اخراج المانيا وايطاليا من شمال افريقيا بالكامل دب خلاف بين بريطانيا والولايات المتحدة الامريكية حول الخطوة القادمة. كانت الولايات المتحدة تريد مهاجمة المانيا مباشرة وضرب الحية فوق راسها. بينما كان تشرشل يرى عكس ذلك ويري البدء بأيطاليا اولا ثم بعد ذلك المانيا. وبالفعل تم تنفيذ الرؤية البريطانية. لكن الحرب لم تمض بالصورة اللتى تصورها تشرشل. فقد كان يقود الدفاع عن ايطاليا قوات ألمانية. وذلك بعد أن احتلت ايطاليا بعد الأنقلاب اللذي حصل فيها ونصبت موسولينى كدمية يقود البلاد. وعندما تعثرت الحرب فى ايطاليا صدرت التعليمات بايقاف الحرب فى ايطاليا وتركيز كل الجهود حول الحرب المباشرة الكبيرة ضد القوات الألمانية والتجهيز لأنزال النورماندي. ويمكننا ان نقل ان تلك الحروب البرية الجانبية قد انتصرت فيها بريطانيا فى النهاية  بفارق طفيف لكن بتكلفة عالية جدا جدا.

أما الجانب الرابع لصور الحرب وهى حرب الجاسوسية والأكتشافات العلمية فهى ذلك الميدان اللذى حققت فيه بريطانيا نجاحات كبيرة. فلعبت اجهزة المخابرات البريطانية دور كبير فى انتصار بريطانيا فى تلك الحرب. فنجحت فى تأليب يوغوسلافيا على المانيا وتدبير انقلاب عسكرى ضد نظام الحكم هناك الموالى لهتلر. وهذا الأمر دفع هتلر وجيشه لغزو يوغسلافيا مما اخر الجيش الألمانى اسابيع حاسمة عن غزو الأتحاد السوفيتى. ولولا هذه الأسابيع القلية اللتى تغيرت فيها الأحوال الجوية تغيرا كبيرا لتمكنت المانيا من غزو موسكو وربما أنهاء الحرب العالمية الثانية مبكرا بصورة غير اللتى انتهت عليها. كما توصلت المخابرات الانجليزية الى تاريخ غزو هتلر للاتحاد السوفيتى واعلمت ستالين به. لكن ستالين اللذي كان يشك فى كل شئ ولا يثق فى احد وخصوصا بريطانيا لم يثق فى المعلومات الانجليزية ورفضها.

بل ان الدور الأكبر فى نجاح بريطانيا فى الحرب ربما يعود الى كسر بريطانيا للشفرة الألمانية المعروفة باسم الانيجما ومن اجل ذلك صنع الرياضى الكبير الان تورينج جهاز كمبيوتر ربما كان من اوائل اجهزة الكمبيوتر فى العالم وذلك من اجل كسر الشفرة الألمانية. كما طور العلماء الأنجليز أجهزة الرادار ولولا ذلك لم يكن ممكن كسب المعركة الجوية كما تم تطوير اجهزة السونار ولولا ذلك لما تم كسب المعركة البحرية. وتم تطوير الأسلحة كثيرا فى وقت الحرب العالمية الثانية. فالطائرات الانجليزية فى نهاية الحرب العالمية الثانية تختلف كثيرا عن الطائرات فى بداية الحرب.

اما عن الجانب الألماني فكانت هناك ايضا انجازات المانية متطورة فى اثناء الحرب العالمية الثانية . لكن من كسب حرب التكنولوجيا فى النهاية كانت بريطانيا والولايات المتحدة. فهم من ابدعوا اكثر فى ذلك الميدان. وربما لا يظهر ابداع الفكر الا فى مناخ تسوده الحرية اكثر. بينما كانت العقول الفذة تهرب من المانيا وايطاليا باتجاه الغرب.

وانتهت الحرب ضد المانيا بانزال النورماندي اللذى سوف نتحدث عنه المرة القادمة واحتلت بريطانيا شمال شرق المانيا. ولم تجلى عن تلك المناطق الا بعد ان تم تأسيس دولة المانيا الغربية بل وحتى بعد سنوات طويلة من ذلك. لكننا فى النهاية نعود الى الحديث مرة اخرى عن الدول الديموقراطية فان تشرشل القائد المظفر فى تلك الحرب تم اسقاطه سريعا من الحكم. فبسبب ظروفه الصحية استقال من منصبه كرئيس وزراء بريطانيا. وبعد تعافيه ظل فترة طويلة نائبا فى البرلمان البريطانى ولكنه لم يحاول مرة اخري ان يتصدر المشهد وان يصبح مرة اخرى رئيسا لوزراء بريطانيا. ثم فى نهاية حياته اعتزل السياسة بالكامل حتى وافته المنية ليس مقتولا أو مسجونا وذلك بعد ان ناله كل تقدير واحترام في حياته وحتى انه حصل على جائزة نوبل فى الأداب كما سبق وذكرنا من قبل.