يتحرك الضوء بسرعة مهولة. فهو يقطع في الثانية الواحدة 300 الف كيلومتر.اي انه في اقل من ثانية ونصف يقطع المسافة بين الارض والقمر. و بسبب هذه السرعة الهائلة كان القدماء يظنون بأن سرعة الضوء لانهائية وبأن الضوء لا يحتاج الي اي زمن حتى يقطع مسافة ما.
وكان اول من حاول ان يقيس سرعة الضوء عن طريق التجربة هو الايطالي جاليليو. حيث اجري تجربة بمعاونة اثنين من المساعدين اوقفهما على هضبتين تبعدان كيلومتر عن بعضهما البعض. وكان كل مساعد منهما يحمل في يده مصباحا يغطيه بيده. وعند اعطاء اشارة البدء من جاليليو يقوم المساعد الاول برفع يده عن المصباح. وبمجرد ما ان يلمح المساعد الثاني نور المصباح الاول يقوم برفع يده هو الاخر حتي يرى المساعد الاول النور. وبقياس الزمن المنصرم بين رفع المساعد الاول ليده حتى رؤيته للضوء وبمراعاة المسافة بين المساعدين يستطيع جاليليو حساب سرعة الضوء. وطبعا قبل ان يجري جاليليو هذه التجربة كان قد قاس سرعة حركة يدي المساعدين وسرعة رد فعلهما حيث ان المساعدين قد تدربوا كثيرا امام بعضهما البعض اولا. ووجد جاليليو ان الزمن المنقضي يساوي فقط زمن رد الفعل عند المساعدين. اي ان الزمن اللذي احتاجه الضوء حتى يقطع مسافة 2 كيلومتر يساوي صفر. ولكن جاليليو لم يكن متسرعا في اتخاذ قراره. فهو اوصى بأعادة التجربة في مسافة اطول 2 كيلومتر ثم 3 كيلومتر ثم 9 كيلومتر فان ظل الزمن اللازم صفرا فهنا فقط يمكن الزعم بأن سرعة الضوء لانهائية.
المحاولة الثانية لقياس سرعة الضوء كان بطلها الدنماركي رومر عام 1670 ميلادي اللذي لفت نظره ان احد اقمار المشتري وهو القمر ايو يتأخر موعد خسوفه عن الموعد المحسوب له ب 22 دقيقة. ولاحظ ايضا ان التأخير يتلازم عندما تكون الارض موجودة في مدارها عند ابعد نقطة عن المشتري. وهنا فكر ان السبب ربما يكون في ان الضوء في هذه الحالة يحتاج الى قطع مسافة اطول فاذا كانت سرعة الضوء محدودة و ليست لا نهائية فان هذا يعني زمن اطول. وحيث ان قطر مدار الارض حول الشمس يساوي 300 مليون كيلومتر وحيث ان سرعة الضوء تساوي 300 الف كيلومتر في الثانية فهذا يعني ان الضوء يحتاج 1000 ثانية او 17 دقيقة لقطع هذه المسافة الاضافية. ولكن رومر ارتكب خطأ في القياس وقاس 22 دقيقة بدلا من 17 دقيقة. ولذلك حسب سرعة الضوء ب 200 الف كيلومتر في الثانية. الا ان احدا لم يكترث لاهمية اكتشاف رومر هذا لمدة 50 عاما حتى اتي الانجليزي برادلي عام 1728.
وحسب برادلي سرعة الضوء ب300 الف كيلومتر في الثانية. وذلك باستخدام ظاهرة تدعي aberration او زيغ الضوء. فما هي قصة برادلي؟ كان الفلكيون يعتقدون ان النجوم الثابتة لا تغير مواضعها بتاتا حتى لاحظ الفلكي الفرنسي بيكارد ان النجوم الثابتة ليست ثابتة تماما فهي تقوم بحركة اهتزازية ضئيلة جدا اشبه بمدار بيضاوي على شكل القطع الناقص في العام. وكان من المنطقي ان يظن برادلي ان هذه الحركة ليست بسبب حركة خاصة بالنجوم ولكنه بسبب دوران الارض نفسها حول الشمس. ولكنه فكر لو كانت سرعة الضوء لا نهائية لما لاحظ احد هذا اللانحراف. لماذا؟ لو تخيلنا مثلا ان السماء تمطر وان المطر ينزل علينا بشكل رأسي من السماء. فلكي نحمي انفسنا من المطر يحب ان نوجه مظلة نحملها في يدنا في اتجاه رأسي تماما كما هو اتجاه سقوط المطر. لكن اذا تخيلنا الان ان المطر مازال يسقط بشكل رأسي ولكننا في نفس الوقت نعدو للامام ففي هذه الحالة نشعر و كأن المطر لا يسقط من فوق تماما ولكنه يأتي مائلا من الامام. ونحتاج في هذه الحالة الى حمل المظلة بشكل مائل للامام حتى نقي انفسنا من المطر. فبطرح سرعتنا من سرعة سقوط المطر نحصل على السرعة النسبية اللتي يسقط بها المطر بالنسبة لنا. وهكذا الحال بالنسبة للنجوم الثابتة. فالضوء الصادر من النجوم الثابتة هو كالمطر الساقط من السماء والتلسكوب اللذي نستخدمه في رؤية النجوم الثابتة هو اشبه بالمظلة و حركة الارض حول الشمس تكافئ عدونا في المثال. اذن حتي نشاهد النجوم الثابتة بأفضل صورة يجب توجيه التلسكوب كما المظلة بصورة مائلة حتى يقع الضوء الصادر من النجوم الثابتة في داخل التلسكوب تماما. وحيث ان الارض تغير مسار حركتها كل يوم لآن الارض تدور حول الشمس في مدار بيضاوي على هيئة قطع ناقص فيجب ان نغير كل يوم موضع التلسكوب حتى نحصل على افضل رؤية للنجوم ولهذا تبدو النجوم وكانها تقوم بعمل دورة كاملة علي هيئة قطع ناقص في العام.
وفي عام 1849 استطاع الفرنسي فيزو Fizeau من قياس سرعة الضوء كما في حالة جاليلو باستخدام تجارب فوق سطح الارض. ثم استطاع الفرنسي فوكولت Foucault عام 1862 من تطوير جهاز فيزو وتصغير حجمه بحيث من الممكن وضعه في المعمل.
ثم في النهاية في عاما 1887 استطاع الاميركيان ميكلسون و مورلي من اختراع جهاز غاية في الدقة لقياس سرعة الضوء. و قاس هذا الجهاز القيمة اللتي نعرفها الان. كما ان هذه التجربة اثبتت ان سرعة الضوء لا تتأثر باتجاه حركة الارض حول الشمس. وكانت هذه ملاحظة هامة جدا وكان من نتائج هذه الملاحظة ظهور النظرية النسبية لاينشتاين. وقد حصل ميكلسون و مورلي على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1907
معلومات قيمة ورائعة بارك الله فيكم وجزاكم خيراً
thankyou
معلومات جميلة
Pingback: تابعوا برامجنا عبر موجات الاثير | روائع العلوم
Pingback: تجربة ميكلسون و مورلي | روائع العلوم