جورج كانتور Georg Cantor

كانتور

كانتور

يعد جورج كانتور من أهم الرياضيين على مدي التاريخ على الأطلاق. مع ذلك فحظه من الشهرة قليل. بل أكثر من ذلك سيرته الذاتية مأسوية جدا. وانا شخصيا كلما سمعت اسمه أشعر بحزن عميق. فلا أقل من نسلط عليه وعلى انجازاته شئ من الضوء.

جورج كانتور هو رياضى روسي- الماني ولد فى روسيا عام 1845 وله أصول يهودية. وهناك احتمال لأن يرجع اصل عائلته الى شبة الجزيرة الايبيرية حيث كانت الخلافة الأموية الأندلسية قائمة وبعد سقوط الدولة الأسلامية هناك هاجر اليهود الى اصقاع مختلفة فهاجروا الى الدنمارك وانجلترا والمانيا ذلك طبعا بخلاف الدول العربية المختلفة. لكن هذه الفرضية فى سيرة جورج كانتور ليست مؤكدة. بينما المؤكد ان عائلة والده لها اصول يهودية. وكذلك ايضا عائلة امه. كما ان زوجة كانتور لها ايضا اصول يهودية.  كما كان لكانتور اقارب موزعون علي انحاء القارة الأوروبية ولمع الكثيرون منهم على المستوي العالمى فى ميادين العلوم والموسيقي. وسمة التشتت فى ألاصقاع المختلفة هى سمة اليهودي التائه  كما ان اسم كانتور هو أسم شائع بين اليهود. وهناك قرائن اخرى سنسردها لاحقا فى معرض الحديث. لكن رسميا كان كانتور وابوه مسيحيين على المذهب البروتستانتي. وكان أبوه متدينا جدا.

كان ابو كانتور مقيما فى الدنمارك فى كوبنهاجن وفر منها الى روسيا حينما حاصر الأنجليز المدينة وفقد كانتور الأب منزله هناك. لذلك كان يكره الأنجليز كرها شديدا وكان الأب وكل عائلته يحبون قياصرة روسيا. عمل كانتور الأب فى الأعمال الحرة وكون ثروة طيبة وولد جورج كانتور فى سان بترسبورغ فى روسيا. وعندما بلغ جورج كانتور الحادية عشرة هاجر ابوه من روسيا الى المانيا وذلك بسبب ظروف الأب الصحية وان مناخ روسيا الرطب لم يكن ملائما لصحة الأب. ومارس الأب نشاطه المالى لبعض الوقت فى مدينة فرانكفورت. ثم قرر ان يعتزل العمل تماما بعد ان كون ثروة لا بأس بها.

تلقي جورج كانتور تعليمه في مدرسة داخلية راقية فى مدينة دارمشتاد. وكان الأب يكتب رسائل الي ابنه يحثه فيها على المثابرة والأجتهاد. وكان جورج كانتور مهذبا هادئا مطيعا لوالديه. ويزعم بعض المحللين ان من أسباب ازمة كانتور اللاحقة هى تلك العلاقة بينه وبين ابيه. حيث كان الاب محافظا سلطويا وجورج ابنا بارا يرضي ابويه ولا يعصيهما. وفى احد الرسائل المرسلة من الأب أخبره أن عيون الأسرة فى انحاء العالم مسلطة على جورج باعتباره الأبن الأكبر ويطلب منه ان يجتهد فى دروسه وان يصير بعد الدراسة شخصية مقدرة يشار اليها بالبنان.

وبعد ان انهى جورج دراسته المدرسية بتفوق كبير كتب الى ابيه يستأذنه فى ان يدرس الرياضيات اللتي استهوته جدا. وبالفعل وافق الأب. ودرس جورج الرياضيات فى سويسرا ثم قرر الأنتقال الى جامعة برلين اللتى كانت أهم جامعة للرياضيات فى ذلك الزمان.

كان انتقال كانتور الى برلين خطوة هامة جدا فهناك درس على يدي أهم استاذين فى الرياضيات فى ذلك الوقت وكانا يتزعمان معسكرين مختلفين بل متناحرين. الأستاذ الأول كان كرون ايكر Kronecker المتخصص فى المعادلات الجبرية. ولذلك كان يتصور الأعداد عبارة عن قيم منفصلة وكان يري ان الله لم يخلق سوى الأعداد الصحيحة اما ما سوى ذلك فهى أشياء مصطنعة تكلفها البشر وكان لا يؤمن بوجودها ويدعو الرياضيين لعدم التعامل مع مفاهيم كالأعداد المتسامية وأن عاقبة ذلك ستكون وخيمة عليهم فهم يبنون بناء مرشح للأنقضاض فى أي لحظة. اما الأستاذ الثاني فكان فايرشتراس Weierstraß المتخصص فى التحليل والدوال. ولذلك كان يري الأعداد فى ضوء مختلف. فكما ان الدوال متصلة مستمرة فكذلك هي الأعداد. وأن الأعداد سواء كانت حقيقية ام تخيلية ام غيرنسبية هى كلها حقائق رياضية دامغة لا تقبل الضحض.

وفى وسط هذا المناخ المفعم بالحيوية اتم كانتور دراسته وكان من ضمن أصدقائه من الطلاب استاذ الرياضيات لاحقا السويدي ليفلر Mittag-Leffler. وهناك معلومة جانبية وان شئنا الدقة فهو زعم بأن  ليفلر هو السبب وراء ان جائزة نوبل لا تمنح للرياضيين فقد كان معاصرا لافريد نوبل ولم تكن العلاقة بينهما طيبة. فعندما قرر نوبل منح جائزته قرر حجبها عن الرياضيين كرها فى أن يفوز ليفلر يوما بها. وقد توسم ليفلر فى زميله كانتور عبقرية استثنائية.

بعد ان انهى كانتور دراسته بتفوق حصل على درجة الدكتوراة أيضا بنفس التفوق. وكان ذلك فى معسكر كرون ايكر وكان المشرف على رسالة الدكتوراة الأستاذ الكبير كومر Kummer استاذ كرون أيكر نفسه. وبعد ان حصل كانتور على الدكتوراة عمل مدرسا بجامعة هالا Halle وواصل ابحاثه الهامة وبعد ذلك جرت فى النهر مياة جديدة.

أتجهت ابحاث كانتور فى مجال الأعداد لدعم أراء فاير شتراس. وأدخل كانتور تعريفا دقيقا للأعداد غير النسبية. ثم تعدي الأمر ذلك كثيرا. فقد وصل كانتور الى المالانهاية نفسها. وقال ان المالانهاية هى مفهوم رياضي حقيقي يمكن التعامل معه بالرياضيات وبالعقل البشري. بل اكثر من ذلك انه قال ان المالانهاية ليست شيئا واحدا. بل ان كل مالانهاية توجد مالانهاية أخري  اعلى منها تحتويها. حتى نصل الى المالانهاية الأخيرة اللتى تحتوي كل شئ اللتى أسماها المطلق. واللتى هى الله نفسه!

بعدما غير كانتور معسكره الرياضي الفكري كان هذا اختلافا فى الرأي أفسد للود كل قضية. فاعتبره كرونايكر ابنا خائنا. وتحول الهجوم على كانتور الى هجوم شخصي فبعدما كان نابغة حصل على درجة الدكتوراة من داخل ذلك المعسكر بامتياز تحول الى دجال! وانه لا يفهم شيئا! وانه يشكل خطرا على عقول النشء!. هكذا وصفه كرون ايكر فعلا. بل وسعى فى محاربته بشتى الطرق. فعمل على أفشال انتقاله الى جامعة برلين وحصوله على وظيفة هناك بالرغم من انه كان اكثر انسان مؤهل للعمل هناك. بل انه جاهد لمنع نشر ابحاثه فى المجلات العلمية اللتى كان يعمل محكما بها. مما جعل كانتور ينشر ابحاثه  فى مجلة رياضية أخرى اقل قيمة المسئول عنها صديقه السويدي ليفلر. بل اكثر من ذلك خطط كرونايكر لمنع كانتور حتي من النشر هناك. فتفتق ذهنه عن حيلة فارسل الي ليفلر يخبره انه يريد ان ينشر ابحاثه الجديدة عنده. فاستشاط كانتور غضبا لانه كان يظن ان كرونايكر سوف يسفه من ابحاثه فى المجلة العلمية اللتى هو نفسه ينشر بها. فطلب من صديقه ليفلر الا يقبل ابحاث كرون ايكر الا ان ألاول اخبره انه يتخطى حدوده وهو وحده المسئول وهو من يقرر من ينشر عنده او لا. فتسممت علاقة الصداقة بين الرجلين . لم يرسل كرون ايكر اى من ابحاثه الى ليفلر ولكنه نجح فى  افساد العلاقة بين الصديقين.

وفى وسط هذا القصف من كرون ايكر وبينما كان كانتور معزولا فى جامعة اقليمية من الدرجة الثانية حقق كانتور- كما استاذه فايرشتراس من قبل- انجازا مبهرا. فهو أسس فرع كامل من العلم بمفرده. وهذه النقطة وحدها مثار اعجاب وتقدير.

فى البداية كان كانتور متأثرا جدا بأفكار فايرشتراس فانتج تعريفا للأعداد غيرالنسبية بانها نهاية متوالية لانهائية عناصرها من الأعداد النسبية. ونشر ذلك فى احد أوائل ابحاثه. ثم بدأت المالانهاية نفسها تستهويه. فكان اول رائد فى هذا الميدان على الأطلاق. ونظرا لان هذا الميدان صعب جدا وعصى على الفهم وملئ بالفخاخ واقل خطأ فيه يؤدي الي الفشل فكان على كانتور أن يجهز ادواته أولا. فكما ان امهر جراح فى العالم اللذي يصنع عملية جراحية معقدة فى المخ لابد ان تكون ادواته مجهزة لذلك والا فان فمصيره  الفشل. كذلك الرياضي! وربما لا يعلم البعض ان الرياضيات لها ادواتها الدقيقة اللتى لا يتعلمها التلاميذ فى المدارس ولا حتى الطلاب فى الجامعات ولكن يتعلمها فقط المتخصصون فى الرياضيات. فللرياضيات عمودان اساسيان هما: المنطق الرياضى ونظرية المجموعات. وبينما اكتشف اليونان اساسيات المنطق مذ اكثر من الفى سنة وبقيت تقريبا قائمة بدون تغيير حتى اتى المانى اخر معاصر لكانتور وهو فريجه Frege حيث قام باعادة صياغة علم المنطق لكى يتناسب مع الرياضيات. فان بانى العمود الثانى هو كانتور. ولم لو يؤسس كانتور سوى نظرية المجموعات لكفاه ذلك فخرا لكن كانتور ذهب ابعد من ذلك.

نظر كانتور الى مجموعة الأعداد الطبيعية وقال لو ان هناك وعاء يحتويها فسيكون ذا سعة لانهائية . لكن هذه السعة كافية لأن تستوعب ايضا الأعداد الصحيحة والنسبية! وهذا امر عجيب بعض الشئ لان الاعداد الصحيحة والنسبية تبدو أكثر من الأعداد الطبيعية . لكن هذا الامر ليس مفاجئا لمن سمع من قبل بمصطلح المالانهاية اللتى لها خواص حسابية غريبة. لكن المفاجئة  تكمن فعلا فى الأمر التالي. استطاع كانتور ان يبرهن على ان وعاء يستوعب الأعداد الطبيعية لن يستطيع ان يستوعب الأعداد الحقيقية. وبالتالى سعة مجموعة الاعداد الحقيقية اكبر من سعة الاعداد الطبييعة والنسبية والصحيحة.  ووجد شيئا غريبا اخر ان وعاء يستوعب الاعداد الحقيقية لن يستوعب كل الدوال الموجودة فى الرياضيات. بل وعمم كانتور النتيجة فقال ان اى مجموعة لا نهائية  يمكننا بطريقة معينة ايجاد مجموعة اخرى سعتها اكبر من المجموعة الأولي. ويعبر عن هذه السعة قيمة لا نهائية اكبر من المالانهاية الأولي.  وأطلق على السعة اسم Cardinality . وقال ان اصغر المجموعات اللانهائية سعة هى مجموعة الأعداد الطبيعية وماهو علي شاكلتها والعدد اللانهائى اللذي يعبر عن سعة هذه المجموعة اطلق عليه ألف- صفر. وسعة المجموعة الاكبر اللتى نستطيع ان نكونها بالطريقة اللتى اكتشفها اطلق عليها ألف- واحد ثم تتلوها السعة الف- أثنين وهكذا! ونلاحظ هنا انه استخدم حرف الهجاء “ألف” هو حرف هجاء عبري كما انه طبعا حرف هجاء عربى. وهذه هى المرة الوحيدة اللتي اري فيها عالما اوروبيا في العصر الحديث يستخدم حروف الهجاء العبرية فى قوانينه وهذا يدعم من وجهة نظري فرضية يهودية كانتور. والا فلماذا يهتم اوروبى عادي في القرن التاسع عشر بحروف الهجاء العبرية فى حين ان اليهودية كانت فى ذلك الزمن ترمز الى كل شئ سيئ

ثم قضى كانتور بقية عمره في محاولة برهنة مسألة تبدو بسيطة. لكن اتضح بعد ذلك انها صعبة جدا . ومات كانتور دون ان يحقق هدفه. نعلم من العرض السابق ان مجموعة الاعداد الحقيقية سعتها اكبر من سعة الاعداد الطبيعية . لكن هل هي السعة التالية  مباشرة؟ هل هي بالتالي السعة ألف- واحد؟ ام هل توجد مالانهايات أخرى فى المنتصف؟ كان رأي كانتور ان الاجابة هي نعم وان سعة الأعداد الحقيقية هي التالية مباشرة لسعةالأعداد الطبيعية!

ماحققه كانتور لم يكن نزهة لطيفة ولكنه كان انجازا صعبا وكان نحتا في الصخر كلفه الكثير من صحته وقوته بل وأكثر من ذلك. نعلم كلنا ان المجهود العقلي ليس امرا هينا وربما يكون اقسي من المجهود البدني فهو يحتاج الى صحة مناسبة وصفاء فى التركيز شديد. لكن كانتور انجز ماحققه تحت معاناة نفسية وعصبية.

يمكنك ان تتخيلي عزيزتى القارئة وعزيزي القازئ شعور انسان ادرك انه لن يستطيع تحقيق هدفه الشخصى فى الحياة. كان يريد ان يلتحق بجامعة برلين كعبة الرياضيات فى ذلك الزمن وأيقن انه لن يحقق ذلك ابدا مدي الحياة لان المتنفذين في داخل الجامعة ضده ويصدرون الفيتو  كلما طرح أسمه على الساحة. ويمكننا ان نتخيل الخجل الواقع على أبن اخفق فى تحقيق امنية ابيه. اللذي طلب منه ان يكون انسان مرموقا يشار اليه بالبنان كاستاذه بالمدرسة الداخلية. فاصبح انسانا معزولا. معظم الرياضيين يختلفون معه. ولا تقف معه الا نخبة قليلة من رياضيي زمانه. ما رأيكم فى انسان يدرك انه عبقري ويظن انه ليس رياضيا عاديا بل انه هو الرياضى بالف ولام التعريف. واذا كان هناك فى الكون كله انسان يفهم الرياضيات فانه هو. ثم يتهمه استاذه بانه دجال ولا يفهم شئ  وخطر على عقول النشء. ومع كل هذه الضغوط والمضايقات ابتدأ كانتور يشعر بالأحباط ويشك في نفسه كرياضى عندما عجز عن ان يبرهن أن سعة الأعداد الحقيقية هى ألف- واحد. بل أسوأ من ذلك كله ابتدأ كانتور يشك فى سلامة قواه العقلية!

مالم يكن يعلمه كانتور واثبته الرياضى العبقري جودل Gödel بعد ذلك لاحقا  ان هناك امور فى الرياضيات لا يمكن اثباتها ولاحتى يمكن اثبات عكسها كما انها لا يمكن نفيها ولا يمكن حتى نفى عكسها. واثبت جودل ان القضية اللتى كان يبحث بها كانتور تنتمى لهذا الصنف العجيب. لذلك كان كانتور يظن انه وجد برهانا لضالته ويرسل البرهان الى صديقه ليفلر لينشره. ثم يتنبه ويرسل رسالة مرة اخرى عاجلة ويترجاه فيها الا ينشر ما أرسله اليه لأنه اكتشف خطأ فى البرهان. ثم يرسل اليه يقول انه اكتشف ان عكس فرضيته هو الصحيح وانه وجد برهانا على ذلك .ثم يعود ويكتشف انه مخطئ وأستمر الوضع على ذلك مرات عدة! وبالطبع فى كل مرة كان كانتور يفعل فيها ذلك يشعر بالخجل من نفسه. فمهما كان ليفلر صديقه فهو ايضا ناشر علمى فى نهاية الأمر. وكيف لرياضى رصين ان يثبت قضية وعكسها. وفى أول مرة طلب كانتور من ليفلر سحب بحثه اصيب بعدها بانهياره العصبى الأول. وفى كل مرة كان كانتور يتعامل بعمق مع هذه القضية ويفشل فى الحصول على البرهان كان يصاب بعدها بانهيار عصبي يدخله مستشفى الأمراض العصبية اللذى اصبح ضيفا شبه مستديم عليه. وطرأ على شخصية  كانتور تحول كبير. وأصبح انسان غريب. وفى فترات نقاهته تملكته فكرة غريبة. فقد اقتنع فجأة بان شكسبير ليس هو من كتب أعماله. لكن من كتب أعمال شكسبير فى حقيقة الأمر هو فرانسيس بيكون. ووجد ان واجبا عليه ان يثبت هذا الموضوع العجيب. واصبح يشارك فى مؤتمرات لهذا الغرض! ثم في تلك الظروف الحالكة مات ابنه الصغير ذو الثلاثة عشرة عاما فانفطر قلب ابيه عليه. وكان الأبن الصغير معتل الصحة ولكنه كان عازف كمان موهوب جدا. وكان الجميع يتوقعون للأبن مستقبل باهر فى ذلك الميدان. وندم جورج كانتور اعظم رياضى في التاريخ أنه أصبح رياضيا وقال انه أخطأ الطريق فى بداية حياته وانه كان عليه ان يختار الموسيقى لانه كان ينتظره فيها مستقبلا باهرا. وطلب من ادارة جامعة هالا نقله من قسم الرياضيات الى قسم الفلسفة أو الى أي ميدان أخر!! لكن يبدو ان الجامعة لم تحصل على هذا الخطاب. او ربما حصلت عليه وتجاهلته بسبب ظروف كانتور النفسية. ثم فى نهاية حياته قال انه وجد برهان لقضيته وقال ان الموضوع لا يحتاج الى برهان لأن الله أوحي له بهذه النتيجة فهى صحيحة بالألهام الألهي! وفي أخر مؤتمر رياضي شارك فيه كانتور بمرافقة ابنته نظرا لظروفه الصحية صار شبحا من العبقري اللذى كان عليه. وعندما تبنى رياضى مجرى وجهة نظر مخالفة لكانتور استشاط غضبا واخذ يهاجمه وكأنه اخبث انسان في التاريخ وفقد كانتور قدرته علي المجادلة الموضوعية فى القضايا الرياضية.

لكن فى اخر حياة كانتور اتاه دعم من حيث لم يحتسب! من طرف الكنيسة الكاثولكية فقد كان البابا ليو الثالث عشر مهتما بتحسين صورة الكنيسة الكاثوليكية وادرك ان الكنيسة ارتكبت الكثيير من الأخطاء فى حق العلماء في الماضى واراد ان يصلح من اخطائه وان يوضح ان الكنيسة والعلم لا يتعارضان وقام بدعم القضايا العلمية خاصة اللتى تخدم قضية التدين. وادرك قس المانى ان طرح كانتور يناسب الدين فرأي فيه محاولة للانسان ان يجد الله فى المالانهاية والرياضيات . وكتب عدة رسائل لكانتور يشجعه ويخبره بأنه على الطريق الصواب. ثم ظهر ايضا جيل من الرياضيين الشبان اللذين اقتنعوا بافكار كانتور واخذوا يذوذون عن الأسد الجريح فى الوقت اللذى فقد فيه قدرته في الدفاع عن نفسه.

وفى 6 يناير عام 1918 مات فى هدوء وفى مستشفى الامراض العصبية أحد اذكي العقول على مر التاريخ. ومرت جنازته هادئة دون ان يشعر بها احد ودون ان يتلقى التكريم اللائق حتى من قبل زملائه. حتى ان الانجليزي الشهير برتراند راسل Bertrand Russell الرياضي الشهير واللذى ربما يكون الرياضى الوحيد اللذى حصل على جائزة نوبل لانه حصل عليها فى ميدان الأدب عندما علم بموت كانتور قال فى حقه عبارة غير لطيفة. حيث قال:  لاشك ان كانتور كان اذكي انسان فى القرن التاسع العشر لكن لا غرابة فى ان يموت بداخل مستشفى المجانين.