القوى الكهربائية و المغناطيسية

الظواهر الكربائية والمغناطيسية تعد من الظواهر الطبيعية الهامة و اللتي تشكل تطبيقاتها دورا هاما في حياتنا المعاصرة. كما انه قد ادي تطور البحث العلمي في هذين الميدانين الى تطور العلوم عموما. وكانت الظواهر المغناطيسية معروفة من ايام الاغريق. فقد لاحظ اليونانيون القدماء احجار المغناطيس وكيف انها تجذب معدن الحديد. كما ان الكهرباء الاستاتيكية كانت معروفة من ايام تاليس. وكان تاليس يشرح انه عند حك   حجر الكهرمان بقطعة من الفراء فانه تتولد شحنات كهربائية على الفراء وحجر الكهرمان.

و بقت المعرفة محصورة عند هذا الحد لقرون طويلة حتي القرن الثالث عشر الميلادي. وفي العصور الوسطي في اوربا كان صنع الشرارات الكهربائية جزءا اساسيا من الفقرات الكوميدية اللتي يقدمها المهرجون في قصور الملوك والنبلاء. ومع تطور البحث العلمي ظهر ان هناك كثير من الامور المتشابهة بين الظاهرتين.

فالمغناطيس له قطب شمالي وقطب جنوبي. و القطب الشمالي يجذب القطب الجنوبي و العكس صحيح. اما الاقطاب المتشابهة فهي تتنافر. كما ان قوة الجذب تتناقص عكسيا مع ازدياد المسافة و تحديدا فان القوة تتناسب عكسيا مع مربع المسافة.

اما الكهرباء فهناك شحنات موجبة و اخري سالبة. والشحنات الموجبة تجذب السالبة  والعكس صحيح. كما ان الشحنات المتشابهة تتنافر. كما ان قوة التجاذب تقل مع ازدياد المسافة وتحديدا تتناسب القوة عكسيا مع مربع المسافة.

وبالرغم من هذا التشابه الملفت في الصفات فقد بقت القوتان كقوتين منفصلتين وفشلت محاولات التقريب بينهما. فالمغناطيس لا يستطيع ان يجذب اي شحنات سالبة كانت ام موجبة. كما ان شحنة كهربائية ما لا تستطيع ان تجعل ابرة البوصلة ان تنحرف. ولكن من ناحية اخري كانت توجد هناك مؤشرات تشير الي ان القوتين مرتبطتان مع بعضهما البعض بشكل اقوي مما هوكان معروف وقتها. فان شرارة البرق الكهربائية تستطيع ان تجعل ابرة البوصلة أن تنحرف. كما ان شرارة البرق احيانا تستطيع ان تحول قطعة حديد عادية الى مغناطيس.

تجربة اورستيد. ابرة البوصلة تنحرف بزاوية قدرها 90 درجة عن اتجاه مرور التيار

ثم كانت الانفراجة الهامة عام 1820 ميلادي على يد الفيزيائي الدانماركي هانز كريستيان اورستيد اللذي استطاع ان يثبت ان للشحنات الكهربائية تأثيرات مغناطيسية ولكن في حالة توافر شرط هام وهي ان تكون الشحنات الكهربائية متحركة. فان تيار كهربائي يمر في سلك يستطيع ان يجعل ابرة البوصلة ان تنحرف ولكن الشحنات الساكنة لا تستطيع عمل هذا. اذن فالحركة كانت هي العنصر المفقود.

وكان اكتشاف  اورستيد عجيبا و أتي بصورة تختلف عما توقعه الناس. فكانت ابرة البوصلة او المغناطيس لا تتجه نحو السلك الكهربائي كما توقع الناس ولكنها تنحرف بزاوية 90 درجة بعيدة عنها. واذا عكسنا اتجاه مرور التيار لكهربائي في السلك انعكس اتجاه انحراف ابرة البوصلة.

وقد شجع هذا الاكتشاف العالم الفرنسي اندريه امبير اللذي يلقب بانه نيوتن الكهرباء و اللذي استطاع في خلال ثلات سنوات من وضع المعادلات و الاطر النظرية اللتي  تنظم و توضح الظواهر الكهربائية المعروفة في هذا الوقت على غرار قوانين نيوتن.

وكان من المتوقع انه كما للتيار الكهربائي تأثيرات مغناطيسية فلابد ان تكون للقوي المغناطيسية ايضا تأثيرات كهربائية. ولكن بقي هذا الامر معلقا حتى  عام 1831 حين استطاع العالم الانجليزي الكبير مايكل فاراداي من اكتشاف خاصية الحث الكهرومغناطيسي . اذن فللمجالات المغناطيسية المتغيرة تأثيرات كهربائية. اذن فالحركة هنا ايضا لابد ان تكون موجودة.