الطريق الرياضى للنظرية النسبية العامة

اذا احببنا ان نتعرف كيف ينبغى ان يبدو قانون نيوتن الاول في في ضوء النظريات الفيزيائية المختلفة سنجد النتيجة التالية. في ضوء القوانين النيوتونية الكلاسيكية سيحافظ القانون بالطبع على صورته الاصلية وهي كالتالى: تحافظ الاجسام على حالتها من حيث السكون او الحركة في خط مستقيم بسرعة منتظمة مالم تؤثر عليها قوة خارجية تغير من حالتها. واذا اردنا ان نري كيف يكون شكل هذا القانون في ضوء النظرية النسبية الخاصة وفضاء مينكوفسكى رباعى الابعاد فسنجد ان صورته ستكون كالتالى ان خط الحياة لجميع الاجسام اللتى لاتؤثر عليها قوة خارجية هو خط مستقيم. ولمزيد من المعلومات حول خطوط الحياة يمكنكم مطالعة هذا الرابط. واذا اردنا ان نتعرف على شكل هذا القانون في ضوء النظرية النسبية العامة وحيث اننا نعلم ان شعاع الضوء المار في مجال جاذبية ما لا ياخذ خطا مستقيما ولكنه يأخذ مسارا منحنيا واذا راعينا انه لايمكن لاي شئ ان يأخذ مسارا اكثر استقامة من الضوء لتمكنا من صياغة قانون نيوتن الاول في ضوء النظرية النسبية العامة على النحو التالى: تأخذ جميع الاجسام اللتى لا تؤثر عليها قوة خارجية اكثر المسارات استقامة. ومعنى اكثر المسارات استقامة هو المسار اللي يعطي اقصر مسافة بين نقطتين في فضاء منحني. او بتعبير اخر تأخذ الاجسام في هذه الحالة نفس المسار اللذي يأخذه شعاع ضوء يمر عبر هذه النقطة. ففي النظرية النسبية العامة كل الخطوط المستقيمة منحنية وحتى خطوط محاور الاسناد x و y هي منحنية.

ننتقل الان الى نقطة ثانية وهي تتعلق بكيفية حساب المسافة بين نقطتين فسنجد انه فى الفضاء الاقليدي العادي تحسب المسافة بين نقطتين وفقا لهذه العلاقة اللتى هي مشتقة من نظرية فيثاغورث:

[latex]ds^2 =dx^2 + dy^2[/latex]

ونحن يمكننا ان نعمم صورة المعادلة السابقة بحيث تأخذ الصورة التالية:
[latex]ds^2 = 1dx^2+ 0dxdy + 1dy^2 + 0dydx[/latex]

ولكن لماذا فعلنا ذلك؟ لاننا بهذه الطريقة سنتعرف على موتر حساب المسافة. فهو في الفضاء الاقليدي ثنائى الابعاد عبارة عن مصفوفة من صفين وعمودين قيمها القطرية تساوي واحد اما قيمها الاخرى تساوي صفر. او بالتفصيل:
g11=g22=1
g12=g21=0
واحب ان انبه الى ان g ترمز الى عناصر هذا الموتر والرقم الاول بعد g يعبر عن الصف بينما الرقم الثاني يعبر عن العمود. فمثلا g12 تعنى العنصر في الصف الاول والعمود الثاني.

والصورة العامة لحساب المسافة باستخدام موتر حساب المسافات هي كالتالى:
[latex]ds^2=g11dx^2+g12dxdy+g21dydx +g22dy^2[/latex]

وفي فضاء مينكوفسكى رباعى الابعاد حيث ندخل الزمن بعدا رابعا تكون الصورة كالتالى:

[latex]ds^2 =dx^2 + dy^2+dz^2-c^2t^2[/latex]

او ان
g11=g22=g33=1
g44=-1
وباقي قيم المصفوفة عبارة عن صفر.

والان نأتى لفضاء ريمان اللذي يتعامل مع فضاء عام محاور الاسناد فيه منحنية وفي هذا الفضاء يكون موتر حساب المسافة عبارة عن مصفوفة ذات 4 صفوف و 4 أعمدة ولكن قيم هذه المصفوفة هي ارقام ليست بالصفر و تختلف قيم هذه المصفوفة حسب الموضع في المكان و الزمان وهذا هو بالظبط مفهوم فكرة المجال فهي قيم ما تتوزع في المكان . و الشئ المميز حول ارقام موتر حساب المسافات في ضوء النظرية النسبية العامة انها متماثلة حول القطر بمعنى ان:
g12=g21, g13=g31,g14=g41
g23=g32,g24=g42
g14=g41
وبالاضافة الى هذه الارقام الستة المستقلة والغير معتمدة على بعضها تاتى الارقام القطرية الاربعة:
g11,g22,g33,g44

اي بالرغم من ان الموتر يحتوي على 4 صفوف و 4 اعمدة اي انه يتكون من 16 رقما. الا ان 10 ارقام فقط هى اللتى نحتاجها لانها مستقلة عن بعضها و الارقام الستة الباقية هي نسخة من الارقام الغير القطرية الاخرى.

اذن كان على اينشتاين ان يجد 10 دوال او 10 معادلات تعبر عن قيم هذه المجالات اللتى تعبر عن انحناء المكان وهنا قد يبرز احتجاج جمالى ليس في محله. وهو ان اينشتاين العاشق للجمال و لتبسيط النظريات العلمية قد استعاض عن مجال واحد هو مجال الجاذبية الموجود في قانون نيوتن الاصلى بعشر مجالات . او انه اضاف 9 مجالات اضافية وهذا شئ مستهجن من انسان فلسفته التبسيط و التسهيل. ولكن اذا دققنا في الامر سنجد ان الموضوع ليس كذلك وان اينشتانين لم يضف 9 مجالات جديدة ولكنه في حقيقة الامر قد حذف مجالا كان موجود وهو مجال الجاذبية النيوتونى. وعزى كل ظواهر الجاذبية الى انحناء المكان اللذي لم يخلقه اينتشتاين ولكنه كان ذاك او ذاك موجود في كافة الاحوال. واينشتاين نبه الى وجوده فقط.

ولعلنا نلاحظ ان العدد 10 يساوي الرقم السحرى عند الفيثاغورثيين. وكما يقول المثل مات الملك يحيا الملك فان الفيثاغورثيين لو قيض لهم ان يطلعوا على نتائج اينشتاين لهتفوا من اعماق قلوبهم بعداسقاط نظرية فيثاغورث مات فيثاغورث يحيا فيثاغورث. ولكن كيف يمكن لاينشتاين ان يجد هذه المعادلات العشرة اللتى تعبر عن قيم موتر حساب المسافات بصورة رياضية؟

اراد اينشتاين ان يستخدم المعادلات التفاضلية اللتى هي في الحقيقة لغة الفيزياء ويضع معادلاته في صورة تشابه الصورة اللتى وضع فيها العظماء نيوتن وماكسويل معادلاتهم:اي معادلات تفاضلية لموتر حساب المكان بدلالة قيمة فيزيائية اخرى موجودة في الواقع. ولكن المشكلة كانت تكمن في الاتي ان تفاضل قيمة ما او معدل تغيرها يعتمد على عنصرين: العنصر الاول هو تغير القيمة نفسها تغيرا حقيقيا و العنصر الثانى هو نتيجة لتغير محاور الاسناد اللتى ينسب القياس اليها. وبالنسبة لنظرية فيزيائية فان ما يعنينا هو التغير المطلق الخالى من تأثير تغير محاور الاسناد. ولذلك فانه يوجد نوع من التفاضل يسمى بالتفاضل المطلق اى انه التفاضل الحقيقى بعد استبعاد التأثير الناتج من تغير محاور الاسناد. وقبل ان استطرد احب ان انبه ان هذا التفاضل المطلق تم تغيير اسمه باسم اخر اقل وضوحا من وجهة نظري. فالتغير المطلق هو الاسم القديم اما الاسم الجديد فهو التغير المصاحب. ولكن المشكلة ان التغير المصاحب لموتر حساب المسافة الخالي من تأثير تغير محاور الاسناد هو دائما صفر. وهذا شئ طبيعى ويتناسب مع تعريف موتر حساب المسافة نفسه.

ولكن اينشتان استطاع ان يجد الحل لهذه المشكلة عن طريق استخدام موتر رياضى اخر قد اكتشفه جاوس ويعرف باسم موتر الانحناء وقيم هذا الموتر تعتمد على قيم موتر حساب المسافة بالاضافة الى تفاضله العادي.وكان من الممكن لاينشتاين ان يجد معادلات تفاضلية تربط هذا الموتر اي موتر الانحناء باشتراطات ثبات الطاقة و الزخم اللتى هي الاعمدة الاساسية في الفيزياء. ومع مراعاة ان الكتلة والطاقة هما وجهان لعملة واحدة فقد استطاع اينشتاين ان يربط انحناء المكان بالكتلة و الطاقة الموجودة فيه. وهذا الانحناء هو سبب الظاهرة اللتى نقول عنها انها الجاذبية. ففي الحقيقة لا يوجد شئ اسمه قوة الجاذبية ولكنها الكتل والطاقات اللتى تسبب انحناء الزمكان واي خط مستقيم موجود في هذا الزمكان هو خط منحنى وكل الاجسام الموجودة في الزمكان تأخذ اقرب المسارت اللتى تنطبق مع هذه الخطوط المنحنية اللتى تتناسب مع هندسة الكون.

Leave a Reply