في الفيزياء توجد كميات قياسية اساسية كالكتلة ووحدة قياسها الكيلوجرام و المسافة ووحدة قياسها المتر و الزمن ووحدة قياسه الثانية. ومن هذه الكميات الاساسية يتم اشتقاق باقى الكميات الاخرى الاكثر تعقيدا كالسرعة والعجلة والقوة الى اخره. وقد اثبت اينشتاين ان هذه الكميات ليست قيما مطلقة ولكنها قيم نسبية تتوقف قيمتها على الاطار اللذي يتم من خلاله رصد هذه الكميات. فالفارق بين 1 كج في اطار و 1 كج في اطار اخر كالفارق بين الدولار الامريكي و الدولار الاسترالي في كل من الولايات المتحدة الامريكية و استراليا. فكل واحد كيلوجرام يساوي واحد في اطار دولته. ولكن عندما ينظر اليه من خارج اطار دولته تكون له قيمة اخرى.
واستطاع اينشتاين ان يتوصل الى هذه النتيجة في ضوء النظرية النسبية الخاصة اللتى تقوم على مبدأين لايتطرق الشك الى صحتهما. وقد تم تأكيدهما عن طريق العديد من التجارب و المشاهدات المختلفة. المبدأ الاول ينص على تكافؤ جميع الاطر القصورية في رصد القوانين الفيزيائية السليمة و تكون لهذه القوانين نفس الصيغة الرياضية. و المبدأ الثانى ينص على ثبوت سرعة الضوء بالنسبة للأطر القصورية المختلفة. وبناء على تعميم هذين المبدأين تم التوصل الى نتائج مثيرة منها نسبية الكميات القياسية الاساسية كالكيلوجرام و المتر والثانية كما سبق ذكره عاليه. بالاضافة الى هذه النتيجة وجب افتراض ان سرعة جسم ما لاينبغى ان تتعدى سرعة الضوء وان سرعة الضوء هي سقف السرعات الممكنة. لأنه اذا كانت سرعة جسم او سرعة انتشار اشارة او قوة ما لانهائية لاخل هذا بمبدأ نسبية الانية ولتمكنا من صناعة ساعات تعطي الزمن المطلق وتستطيع خلق التزامن بين الساعات المختلفة. اما اذا افترضنا ان السرعة ليست لانهائية ولكنها فقط اعلى من سرعة الضوء لاخل هذا بقدسية قانون السببية اللذي يوضح ان لكل نتيجة سبب ما يسبقها ويسبب حدوثها. فلو كانت السرعات الاعلى من سرعة الضوء ممكنة لكان معنى ذلك انه بالنسبة لبعض اطر الرصد من الممكن ان تسبق النتيجة سببها. وهذا شئ عجيب لا يمكن تقبله بسهولة.
واصطدمت النظرية النسبية الخاصة بقانون الجاذبية لنيوتن لان قوة الجاذبية النتيوتونية كانت قوة تنشر بسرعة لانهائية وتؤثر لحظيا وهذا كان كما سبق ووضحنا لايمكن قبوله فقرر اينشتاين ان يضع نظرية جديدة تفسر قوة الجاذبية في ضوء النظرية النسبية. وكانت النتيجة هي النظرية النسبية العامة. ومن اجل ذلك افترض اينشاين مبدأين : المبدأ الاول وهو مبدأ التكافؤ وهو يفيد ان الظواهر المرتبطة بالتسارع تكافئ في كل شئ الظواهر المرتبطة بالجاذبية كما ان الظواهرالمرتبطة بالجاذبية يمكن يمكن اعتبارها على انها ظواهر يتم رصدها عن طريق اطار متسارع. وقد اوضح اينشتاين ذلك عن طريق تجربة ذهنية تدور حول مختبر موجود فوق سطح الارض ومختبر اخر يتم تعجيله في الفضاء بعجلة مقدارها 10 متر في الثانية المربعة. وقد اوضح اينشتاين انه لا يمكن الجزم اي من المختبرين هو الموجود فوق سطح الارض وايهما هو اللذي يتم تعجيله في الفضاء. ويمكنكم مراجعة مبدأ التكافؤ بالتفصيل عن طريق هذا الرابط. اما المبدأ الثاني فهو يوضح انه يمكن وصف جميع القوانين الفيزيائية السليمة من خلال اي اطار مهما كانت حالته من الحركة وسيأخذ دائما نفس الصورة الرياضية. وهذا المبدأ هو التجسيد الحقيقى لفكرة النسبية.
وتوصل اينشتاين الى انه لا توجد قوة خاصة بالجاذبية ولكن ما نصفه بالجاذبية هو نتيجة لتشوه الزمكان اللذي يعتبر مسرح كل الحوادث. ويمكن تشبيه هذه الفكرة بان الزمكان يبدو وكأنه مفرش مشدود وممتد. فاذا وضعنا في وسط هذا المفرش كتلة كبيرة ما فان هذا المفرش لن يبقى مفرودا وممتدا بل انه سينحنى بصورة ما وخصوصا بالقرب من موضع هذه الكتلة. واذا تخيلنا وجود كرة صغيرة في حجم حبة الذرة فوق هذا المفرش فانها لن تبقى ثابتة ولكنها ستتحرك وفقا للانحناءات والنتوءات الموجودة فوق سطح المفرش.
وكانت هذه نتيجة عجيبة وتسلب العقل وتشبه عالم الخيالات. ولكن النظرية النسبية ليست شطحات فلسفية لا علاقة لها بالواقع والتجربة. بل ان هناك العديد من التجارب العملية اللتى تدعم نتائج النظرية النسبية العامة. ونحن الان سنحاول ان نتعرف على اشهر التجارب اللتى دعمت نتائج النظرية النسبية العامة.
البرهان الاول ياتى من حساب مسار كوكب عطارد اللذي هو اقرب الكواكب الى الشمس. فمسار كوكب عطارد يأخذ مسارا بيضاويا ولكنه ليس مسارا مغلقا بل ان هذا المسار البيضاوي يدور ويغير موضعه مع الزمن. وكانت قوانين نيوتن لاتستطيع ان تفسر هذا المسار الغريب ولكن النظرية النسبية العامة استطاعت ان تصف المسار الفعلى لكوكب عطارد بدقة رهيبة. وكان هذا دعم هام للنظرية النسبية العامة.
البرهان الثانى تتعلق بانحراف شعاع الضوء عن الخط المستقيم عند مروره في مجال جاذبية قوي. وهذا الشئ قد بينه ادنجتون في بعثة استكشافية شهيرة. لمزيد من المعلومات حول رحلة ادنجتون يمكنكم مطالعة هذا الرابط.
البرهان الثالت يتعلق بانحراف طيف ضوء الشمس او طيف النجوم عموما نحو اللون الاحمر. وهذا مرتبط بتباطؤ الزمن تحت تأثير الجاذبية وهذا الامر تم رصده و التحقق منه ايضا عمليا. ولمزيد من المعلومات حول ازاحة طيف الشمس باتجاه اللون الاحمر يمكنكم مطالعة هذا الرابط.
البرهان الرابع وهو مرتبط بتباطؤ الزمن في مجال جاذبية ما. وتم التحقق من ذلك عن طريق ساعات ذرية موجودة في اعلى و اسفل برج عالى. وتم بالفعل اثبات ان الساعة الموجودة في اسفل البرج تسري بشكل ابطأ من الساعة الموجودة في اعلى البرج. ولمزيد من المعلومات حول تجربة تباطؤ الساعات في مجال جاذبية قوي يمكنكم مطالعة هذا الرابط.