مارلين فاس سافانت Marilyn vos Savant هى كاتبة امريكية اكتسبت شهرة كبيرة فى تسعينيات القرن الماضي. ويرجع سبب شهرة مارلين الى موضوع رياضى احرجت من خلاله كثيرا من الرياضيين مع ان مارلين لا تحمل مؤهل جامعى عالي.
ولدت مارلين فى عام 1946 في ولاية ميزوري من عائلة تنحدر من ناحية الأب لأصول المانية ومن ناحية الأم لأصول ايطالية. وكانت الطفلة مارلين تتمتع بذكاء حاد. وكان ذكاؤها متمردا لا يقبل الترويض. برعت فى حل الفوازير وأسئلة الذكاء. مع ذلك لم تكن تحظى بالاهتمام الكافى لكونها فتاة و ورأى المعلمون فى موهبتها شيئا لا يسمن ولا يغنى من جوع. واستبعدها ذات مرة مدرس العلوم من الفصل لانها كانت الفتاة الوحيدة المشاركة. وعندما انهت مارلين المرحلة المدرسية التحقت بالجامعة لدارسة الفلسفة. ودرست سنتين. لكن بعد الحاح أبويها عليها قطعت مارلين دراستها للبحث عن عمل.
ومارست مارلين وظائف مختلفة منها انها عملت كاتبة في مجلة امريكية أسبوعية تدعي باراد Parade . ولم تقطع مارلين علاقتها باسئلة الذكاء فحققت اعلى المعدلات فى اختبارات الذكاء IQ . وصنفت مارلين فى موسوعة جينيس العالمية فى اعوام 1986 حتى 1989 بانها أذكى انسان فى العالم في ذلك الوقت. وشعرت مجلة باراد بالزهو. فاذكى انسان بالعالم يعمل لديها كاتبا فخصصت لمارلين عمودا ثابتا فى المجلة. وكان عنوان العمود: “أسأل مارلين”. وكان هذا العمود عبارة عن بريد للقراء. حيث يرسل اليها احد القراء سؤالا معينا او لغزا محيرا. وكانت مارلين تجد الاجابة لذلك الأستفسار. ونقترب الأن شيئا فشيئ من سبب شهرة ماريلين. فلم يكن كل ماسبق سبب ذلك.
كان فى الولايات المتحدة الأمريكية فى التسعينيات برنامج مسابقات شهير. يقف فى نهايته المتسابق امام ثلاثة أبواب مغلقة. حيث توجد خلف احد الأبواب سيارة ثمينة. بينما يختبأ خلف البابين الأخرين ماعزتين. فاذا فتح المتسابق الباب اللذى وراؤه السيارة يذهب الى بيته فى تلك السيارة الفخمة وتصبح ملكه. اما اذا فتح احد البابين الاخرين فانه يذهب الى بيته فوق ظهر الماعز. طبعا هو كان لاياخذ تلك الماعز. لكنها كناية علي انه يخرج من المسابقة خالى الوفاض. واذا افترضنا ان المتسابق اختار الباب الثانى مثلا. فيبدأ مقدم البرنامج بالتلاعب بأعصابه. وويبدأ بفتح الأبواب تباعا. ولكنه لا يبدأ بالباب اللذى اختاره المتسابق. ومن المهم ان نلاحظ ان مقدم البرنامج يعلم بالاختيار الصائب ويعلم اين تقع السيارة وأين تقبع الماعزتان. ويفتح مقدم البرنامج الباب الاول مثلا فتظهر ماعزة خلفه. وهنا يتوجه مقدم البرنامج للمشارك ويعطيه فرصة أخيرة فبامكانه ان يتراجع عن اختياره الأول ويختار الباب الثالث او ان يبقى على اختياره الأصلى وهو الباب الثاني
وهنا سأل احد القراء مارلين: ما هي الأستراتيجية الأفضل فى هذه الحالة؟ هل يغير المشارك اختياره الاول؟ او يبقيه كما هو؟ أرجوك عزيزي القارئ ان تتأمل هذا السؤال جيدا وقبل ان تتابع قراءة باقى الموضوع قرر بنفسك ماذا لو كنت مكان المشارك فى تلك المسابقة هل تبقي اختيارك ام تنقضه.
كانت اجابة مارلين قاطعة: على المشارك ان يغير اختياره فذلك يرفع احتمالات فوزه لتبلغ الثلثين. بينما اذا احتفظ باختياره الأول فان احتمال فوزه هى الثلث فقط.
أثارت اجابة ميرلين عاصفة من الاحتجاجات لدى القراء حتى الرياضيين منهم ووصفوا حلها بانها هراء وجهل. وكان منطقهم كالتالى: بعد ان يفتح مقدم البرنامج الباب الاول يبقى هناك بابان مغلقان: الباب الثاني والثالث. واحتمال ان تقبع السيارة خلفهما متساوية. فبالتالى ان يحافط المشارك على قراره او يغيره سيان. فاحتمال فوزه هو 50%.
لكن مارلين اصرت على رأيها ودافعت عنه فى أكثر من مقال وكانت فى كل مرة تحصد عاصفة من الاتهامات والاحتجاجات اقوي من سابقتها. وفيما يلى مقتبسات يسيرة من الوف الرسائل والتليفونات والفاكسات اللتى تلقتها مارلين. والراسلون كلهم من ذوي الاختصاص الرياضي:
“أنتى تتحدثين بكلام فارغ وبصفتى رياضى فاننى منزعج جدا بشأن الجهالات اللتى تقومين بنشرها. من فضلك أصلحى خطاءك وأعترفى بالغلط وكونى في المستقبل أكثر حذرا”.
“جهالة الناس بالرياضيات فى هذا العالم تكفي وزيادة ولا تحتاج لان تقوم صاحبة الرقم القياسى فى مستوي الذكاءIQ باذكائها. اخجلى من نفسك”
“حلك للمسألة خطأ. لكن ربما يواسيكى ان تعلمين ان كثيرا من زملائى الاكاديميين الدارسين قد انخدعوا بحلك”
“هل تسمحين لي بان ان انصحك ان تقرائي كتابا فى حساب الاحتمالات فى المرة القادمة اللتى تقدمين فيها على حل مسألة كهذه”
“كم يكفيكى من الرياضيين المحتجين حتى ترجعي عن رأيك؟”
“انا مصدوم. فبعد ان بين لكي على الأقل ثلاثة رياضيين متخصصين خطاءك مازلتي مع ذلك مصرة على التمادي فى الخطأ”
“ربما تفهم النساء الرياضيات بصورة مختلفة عن الرجال”
“انتى مخطأءة. تأملى قليلا: ماذا لو ان كل حملة الدكتوراة هؤلاء مخطئون اذن فأمتنا حقا تعيسة”
وكان من ضمن ردود مارلين ما يلى: لا يهم كم هو عدد المعترضين. فحل المسائل الرياضية لا يؤخذ بالتصويت. فالصواب يبقى صوابا والخطأ يبقى خطئا.
وحاولت مرة توضيح وجهة نظرها بالتشبيه التالى: تخيلوا ان عدد الابواب الموجودة مليون باب وليس ثلاثة فقط. وهناك سيارة واحدة تختبأ خلف باب ما. وقام المشترك باختيار الباب رقم واحد أولا. بعدها قام مقدم البرنامج بفتح جميع الابواب الباقية ولكنه تجاوز الباب رقم 777777 ولم يفتحه. والأن على المشترك ان يختار بين الباب الاول و الباب رقم 777777 . هل لهم نفس الاحتمال 50%؟ أليس تجاوز مقدم البرنامج عن هذا الباب تحديدا وفتح دونه مليون بابا اخرا تقريبا يعطي اشارة ان لهذا الباب قيمة أعلى من غيره؟
وقد كان من ضمن المعترضين على مارلين نائب مدير مركز معلومات وزارة الدفاع وكذلك احصائى متخصص فى وزارة الصحة الأمريكية. وكان اجمالا 92% من القراء ضد مارلين. اما حملة الشهادات العليا تحديدا فقد كان 65% منهم ضدها. لكن مع مرور الوقت وانتشار الموضوع بشكل سريع بدأ متخصصوص اخرون فى الانتصار لمارلين وابتدأ كثير من المعارضين فى مراجعة انفسهم وكتب بعضهم رسائل اعتذار وأعلنوا عن تراجعهم عن موقفهم.
فى الحقيقة ان حساب الأحتمالات هو من أكثر الميادين الرياضية اللتى تتطلب ذكاء. وبخاصة موضوع حساب الاحتمالات المشروطة -كما اليوم – فان في كثيرا من الاحوال تكون الاجابة الصائبة تتعارض مع الحدس التلقائي لمعظم الناس. كما ان ميادين المنطق الرياضي ونظرية المجموعات تتطلب ذكاءا اكثر وأشد حدة.
وهناك توضيحات كثيرة للمعضلة السابقة ريما يكون ابسطها من وجهة نظري التالي: دعونا نحسب نجاعة استراتيجية ان يغير الانسان اختياره الاول. نرى ان المشارك يكسب وفق هذه الاستراتيجية فقط اذا كان اختياره الاول خاطئا. فاذا عكسه فانه سوف يكسب بنسبة مائة فى المائة. لكن ما هى احتمالات ان يكون الاختيار الأول للمشارك خاطئا؟ الاجابة: حيث ان هناك 3 ابوب واحد منها صائب واثنين مخيبين فان احتمال ان يخطئ الانسان فى اختياره الاول هى الثلثين. فاذاعدل المشارك عن اختياره فانه يكسب في النهاية!
والان دعونا نحسب القيمة الاستراتيجية لان يحافظ الانسان على اختياره الاول: لكي يكسب الانسان وفق هذه الطريقة لابد ان يكون اختياره الاول صحيحا. وهذا احتماله الثلث فقط.
اي ان عبقرية تغيير الرأى تحول الأحتمالات العالية لخطأ المشارك فى أختياره الأول لصالحه!
كلام فارغ و الرد فلو انا صاحب البرنامج فببساطة استطيع استخدام استدراتيجية معينة ليستخدمها مقدم البرنامج و هي اذا اختار الشخص الجواب الصح و لكن قبل علمه بذلك فأن المقدم يقوم بتشتيته و محاولة لجعله يتردد و ذلك عن الكيفية التي ذكرتها انت و مع علم المقدم بأن اجابتهة هي الصح و لكنه فقط يريده ان يرتبك و يغير اجابته و نفس الاستتراتيجية تطبقها على مليون باب .. يختار المشارك باب 1 و يفتح المقدم 999999 ما عدا بابا واحدا و مع علم المقدم بان الباب يحتوي على ماعز و ذلك ليشتته و ليزيل من عزمه على الاجابة مع علمه ان اجابته صح . فمسئلة احمالية اكبر و ثلثين و الاحتمال الاول هو الثلث فقط غير منطقية و خاطئة تماما و الاصرار عليها يدل على التعجرف
و بطريقة اخرى فعند النظر من زاوية اخرى فلو تخيلت عندك فقط بابين و تريد ان تختار ايهما فعندها تصبح النتيجة واضحة و هي 50للاول-50للثاني