كما نعلم فان عملية قسمة صفر على صفر هى رسميا عملية غير معينة. وكما نعلم ايضا فان حساب النهايات يساعدنا فعليا فى تجاوز هذه المعضلة. واليوم سنحاول ان نري كيف يتم ذلك تحديدا عن طريق طرح المثال التالى:
نفرض ان هناك مجموعة من الطلاب نريد ان نحدد مستواهم فنصنع لهم امتحان من اربع اسئلة. ولنفرض ان طالبا استطاع ان يجاوب على الاسئلة الاربعة بصورة صحيحة بينما استطاع طالب ثانى ان يجاوب على سؤالين فقط بصورة صحيحة بينما طالب ثالث لم يستطع ان يقدم اية اجابة صحيحة. نستطيع ان نقول بكل ثقة ان الطالب الاول هو الافضل ونسبته 100% والطالب الثانى نسبته 50% اما الطالب الاخير فهو الاسوأ ونسبته 0%. ونحن نحسب النسبة عن طريق قسمة عدد الاجابات الصحيحة على عدد الاسئلة الكلية اللتى تلقاها كل طالب ثم نضرب النتيجة فى 100.
حتى هنا لا يوجد اى شئ غير عادي. لكن دعونا الان نفترض طالب رابع لم يقدم اى اجابة صحيحة ولكنه ايضا لم يتلق اى سؤال. لانه مثلا كان مريضا وغاب يوم الامتحان. فطبقا للمعادلة السابقة نسبته هى قسمة صفر على صفر اللتى هي كمية غير معينة ثم نضرب النتيجة فى 100. ومن هنا نري ان مستوي الطالب يمكن ان يكون اي شئ: ممتازا كالطالب الاول او ضعيفا كالطالب الثالث او بين هذا وذاك. و الان لنفرض اننا نريد ان نحدد مستوي هذا الطالب الغائب يوم هذا الامتحان. فكيف يستنى لنا هذا؟ قد يقول البعض ان هذا الطالب ينبغى ان يرسب لانه غاب يوم الامتحان وقد يقول شخص اخر نستطيع ان نعيد له الامتحان فى يوم اخر. لكن دعونا نفترض ان كل هذه الاقتراحات مرفوضة واننا مازلنا نريد تحديد مستوي ذلك الطالب عنما غاب يوم الامتحان !!
هنا يتدخل حساب النهايات ويقول حسنا لنتتبع نتائج هذا الطالب على مدار العام قبل ذلك الامتحان وبعده. فاذا افترضنا انه كانت نسبة الطالب فى جميع الامتحانات قبل هذا الامتحان وبعدها 75%. فاننا نقول ان نهاية درجات الطالب حتى يوم الامتحان تشير الى 75%!! اما اذا كان هذا الطالب متذبذب المستوي فى احد الامتحانات يحصل على 100% بينما فى امتحان اخر يحصل على 0% وفى امتحان ثالث يحصل على نتيجة اخري فاننا لن يكون بامكاننا ان نحكم على مستوي الطالب يوم كان غائبا او بتعبير ادق لن نستطيع ان نحدد نهاية درجات الطالب يوم الامتحان.
المثال السابق يوضح فلسفة حساب النهايات . وبنفس المنطق اذا كان عندنا دالة يعطى التعويض المباشر عند نقطة معينة صفر على صفر فلتعيين قيمة نهاية الدالة عند هذه النقطة فاننا نبحث عن دالة تؤام لدالتنا الاصلية بحيث تتطابق قيم الدالة التوأم مع الدالة الاصلية عند جميع النقاط باستثناء نقطة واحدة وهى النقطة اللتى نريد ان نبحث عن النهاية عندها. وتكون قيمة الدالة معروفة عند هذه النقطة بالنسبة للدالة التوأم ولكنها تكون غير معينة عندها بالنسبة للدالة الاصلية. مثال على ذلك الدالة التالية:
y = (x^2 + x -2) /(x-1) 1
بالتعويض المباشر عند النقطة x تساوي 1 نحصل على صفر على صفر وهي كمية غير معينة. ولكننا يمكننا ان نكتب الدالة السابقة على الصورة التالية
y=(x-1)(x+2)/(x-1) 1
ونلاحظ انه عند جميع النقاط اللتى تكون فيها x لا تساوي واحد نستطيع ان نختصر x-1 من البسط والمقام و اننا لا نخشى فى هذه الحالة اننا نكون نختصر صفر مع صفر. اذن نحصل على دالة جديدة هى الدالة التوأم للدالة الاصلية وهذه الدالة التوأم هيى:
y = x+2
وهذه الدالة كما رأينا تتفق قيمها مع قيم الدالة الاولى عند جميع النقاط اللتى لاتساوي x عندها واحد. اما عندما يكون x يساوي واحد فتكون الدالة الاصلية غير معرفة بينما تكون قيمة الدالة التوأم 3 . ومن هنا نقول ان نهاية الدالة الاصلية عند النقطة x تساوي 1 هي 3 !!
وهذه الحيلة هى اللتى نستخدمها فى تعيين حساب التفاضل. فحساب التفاضل لا يوجد فيه اختصار صفر على صفر كما كان يفعل نيوتن و لايبنتز. ولكن تم اعادة تعريف حساب التفاضل على انه حساب النهاية لقسمة التغير في y على التغير فى x عندما يئول التغير فى x الى صفر
كان هذا النصف الاول من عنوان موضوع اليوم وهو حساب النهايات فى خدمة التفاضل. لكن كيف يقع حساب التفاضل فى خدمة حساب النهايات؟ بعد ادراك الاهمية البالغة لحساب النهايات اقبل الرياضيون على البحث عن الطرق المختلفة لتعيين قيمة صفر على صفر. واهم الطرق بلا منازع هي قاعدة لوبيتال L’Hospital. وهى تستخدم رسميا فى حساب قيم النهايات ذات القيمة صفر على صفر او مالانهاية على مالانهاية عند التعويض المباشر. لكن فعليا يمكن استخدام هذه القاعدة فى حساب النهايات لكل صور الكميات الغير المعينة السبعة. لاننا كما نعلم نستطيع ان نحول اى صورة من صور الكمية الغير معينة الى صورة صفر على صفر.
وتقول القاعدة ان نهاية دالة عند نقطة يعطى التعويض المباشر عندها صفر على صفر او مالانهاية على مالانهاية تساوي نهاية قسمة تفاضل البسط على تفاضل المقام. مثال لذلك الدالة
y= sin(x)/x
فعند التعويض المباشر ب x يساوي صفر نحصل على صفر على صفر.اذن فنطبق القاعدة ونعلم ان تفاضل البسط يعنى cos x اما تفاضل المقام فيعطى 1 . اذن
lim sin(x)/x = lim cos(x) /1 when x->0
وكما نري فان قيمة النهاية تساوي 1 !!
ولهذا القانون قصة طريفة احب ان اشير اليها. و محاورهذه القصة هى الجشع والغش العلمى. فلوبيتال صاحب القانون والمسمى باسمه. لم يكن فى الاساس رياضيا لكنه كان ظابطا فى الجيش الفرنسى ترقى فى الرتب حتى وصل الى رتبة عالية. ثم اعتزل الحياة العسكرية بعد ان كون ثروة لابأس بها. ولكن كان لوبيتال عاشقا للرياضيات فاستأجر مدرسا خصوصيا ليعلمه الرياضيات. وكان هذا المعلم هو افضل معلم فى الرياضيات موجود فى العالم فى ذلك الزمان وهو السويسري يوهان برنولي. وعقد لوبيتال مع برنولى اتفاقا غير شريف بمقاييس عصرنا الحالى . حيث اتفق لوببتال مع برنولى انه فى حالة اذا اكتشف برنولى اى اكتشاف رياضي جديد فعليه الا ينشره ولكن يعطيه للوبيتال لينشره باسمه مقابل مبلغا من المال. وقدكتب لوبيتال كتابا فى حساب التفاضل كان الاهم فى زمانه. وهذا الكتاب هو اللذى نشر حساب التفاضل على طريقة لايبتز فى اوروبا. وكان قانون لوبيتال بالفعل من اكتشاف برنولى!!
وبعد وفاة لوبتيال تقدم برنولى وطالب بأحقيته فى تسمية هذا القانون باسمه. لكن تم رفض طلب برنولى لعدة اسباب . اولها ان لوبيتال كان ايضا انسانا ذكيا ورياضيا مقتدرا ليس من المستبعد عليه ان يصل الى قانون كهذا. اما السبب الثانى فيعود الى سمعة برنولى السيئة. حيث لم تكن هذه المرة الاولى اللتى يحاول ان ينسب فيها برنولى اكتشافات الى نفسه لم يقم باكتشافها. وفى المرة السابقة حاول برنولى اغتصاب حق اخيه فى قانون ادعى يوهان برنولى بهتانا انه مكتشفه. فمما قد لا يتنبه اليه البعض ان اسم برنولى وهو اسم مشهور فى تاريخ العلم أن برنولى ليس انسان واحد بل هما اخوان يوهان وياكوب.
لكن بعد فترة تم اكتشاف مراسلات بين لوبيتال و برنولى وظهر فيها بوضوح ان هذا القانون هو من صنع برنولى. ولكن مع ذلك بقى القانون منسوبا الى لوبيتال. وربما يكون فى ذلك نوع من العدالة لجزاء الطمع والجشع!!
تسلمووووووووووووووووووووووووووووووووووون
جد اتمتعت ..موضوع بجنن
جد اتمتعت ..موضوع بجنن
رائع كالمعتاد
رااائع كثير. أحسن شيء عجبني هو طريقة شرح الكاتب لعدم تعيين0 / 0 على شكل قصة يمكن ان يستوعبها كل الطلاب.
شكرا مرة ثانية.
Pingback: تأثير برنولى | روائع العلوم
Pingback: قصة عدد أويلر e | روائع العلوم