الرياضيات هى منتج عقلى صرف. ولعله من الطريف أن نرى اليوم كيف يصف مصنوع صانعه ويبين طريقة عمله. وسنري كيف تستطيع النماذج الرياضية وصف الكيفية اللتي نفاضل بها بين الخيارات المختلفة. فما من يوم يمر الا ونفاضل بين أشياء مختلفة. ونحن لا نختار دائما بين جيد وسئ. بل فى كثير من الأحوال يكون علينا المفاضلة بين جيد وجيد. بل ولسوء الحظ أحيانا بين سيئ وسيئ. وما يزيد الامر صعوبة أننا حتى أحيانا نكون غير متأكدين من كون الأمر جيدا ام سيئا من الأساس. فدعونا نرى كيف نقوم بالأختيار والمفاضلة وكيف تطورت الأبحاث فى هذا الميدان. فدعونا نرى كيف نختار كما كان يفعل باسكال او برنولى او أخر ما تقوله ابحاث علم النفس الحديثة.
ألاختيار على طريقة باسكال
باسكال “Blaise Pascal” هو رياضى وفيزيائى وفيلسوف فرنسى عاش فى القرن السابع عشر. وكان باسكال متدينا جدا وكان يعاني لأجل ذلك صراع نفسى داخلي. فقد كان يعتقد ان العلم والتدين لا يجتمعان وأن العلم الحقيقى الواجب اكتسابه هى العلوم الدينية فقط وليست الطبيعية. وفى النهاية انتصر حبه للتدين على حبه للعلم واعتزل ميدان العلوم الطبيعية بالفعل. ويعتبر باسكال احد أباء حساب الأحتمالات. وله برهان طريف يثبت به ان اختيار الايمان أفضل من أختيار الألحاد. وقد تعرضنا لهذا فى موضوع سابق بالتفصيل وللمهتمين الرجوع اليه. وتعتمد طريقة باسكال فى الاختيار على مايعرف بالقيمة المتوقعة “expected value” . ولحساب القيمة المتوقعة لقرار او حدث ما نقوم بالخطوات الثلاثة التالية:
1 تحديد كل النتائج المترتبة عن قرار أو حدث ما. وكذلك تحديد نسبة أحتمال كل من هذه النتائج.
2 أعطاء كل نتيجة قيمة عددية ثم ضرب هذه القيمة فى نسبة احتمالها
3 جمع كل النتائج من الخطوة السابقة.
مثال على ذلك:
تخيل انك تاجر رأس مالك محدود. وأمامك اختياران عليك أن تفاضل بينهما. اما أن تشتري المنتج “أ” او المنتج “ب”. وتعلم الأتي:
1 بالنسبة للمنتج “أ” فمكسبك هو بكل تأكيد 20 دولار
2 بالنسبة للمنتج “ب” فانت لست متأكد. قد تكسب 100 دولار وقد لا تكسب أي شئ. وذلك بنفس النسبة.
فماذا هو قرارك؟ وأي المنتجين يجب أن تشتري؟
دعونا نرى الأجابة فى ضوء حساب القيمة المتوقعة. بالنسبة للمنتج “أ” الأمر واضح. فالقيمة المتوقعة للربح هى 20 دولارا. لكن ماذا بالنسبة للمنتج “ب”؟ هناك احتمالان لكسب 100 دولار أو صفرا من الدولارات. واحتمال كل حالة هو 50% أو 0.5 . اذن القيمة المتوقعة هى كالتالي:
100*0.5 +0*0.5 = 50
وبما أن القيمة المتوقعة للمنتج “ب” أعلى من المنتج “أ”. أذن علينا أن نستثمر فى المنتج “ب”!!
وطريقة باسكال تعطينا دائما القرار المثالى اذا كنا نزن الأمور بطريقة موضوعية. لكن المشكلة أننا لا نفكر في الأمور بطريقة موضوعية. بل نفكر دائما بخليط من الموضوعية والشخصنة. فنحن لا نفكر كروبوتات او أنسان ألي. والمثل الشعبى: “عصفور فى اليد خير من عشرة فوق الشجرة” يعد خير مؤشر للطريقة اللتى نفكر بها ونفاضل بها بين الخيارات المختلفة.
الأختيار على طريقة برنولي
دعونا نغير شيئا بسيطا فى المثال السابق. دعونا نفترض ان المنتج “أ” سوف يحقق ربحا مضونا يساوي 49 دولارا. ومازال علينا أن نختار بين المنتج “أ” والمنتج “ب”. بالحساب على طريقة باسكال ستظل القيمة المتوقعة للمنتج “ب” تساوي 50 دولارا وستظل أعلى من القيمة المتوقعة للمنتج “أ” اللتى أرتفعت الأن الى 49 دولارا. اذن لو كنا موضوعيين لبقينا رغم ذلك على أختيار المنتج “ب”. لكن كما ترون فلا نكاد نتصور ان يوجد انسان مسئول يقدم على هذه الخطوة. وأن يفضل المنتج “ب” على المنتج “أ” رغم ان الحسابات بطريقة باسكال تلح على ذلك! وادرك برنولى هذه المشكلة ووجد حلا مذهلا لها!
وبرنولى هو تحديدا نيكولاس برنولي Nilkolaus Bernoulli أحد أفراد عائلة برنولي السويسرية ذائعة السيط فى ميادين العلوم والرياضيات. وقد فطن برنولي الى أننا لانقيم النقود بنفس الطريقة. فمثلا 10 دولارات هى بالنسبة لفقير رقم كبير جدأ اما بالنسبة لأنسان ثرى فانها قد لا تعنى شيئا. وقد أدرك برنولي حقيقة بقت ثابتة الى يومنا هذا. وهي اننا لتشجيع الأفراد ولتحفيزهم لا نكافئهم بقيمة مالية واحدة. بل بنسبة واحدة. فالعلاوات تقدر بنسبة مئوية من المرتب الأصلى وليست بقيمة مطلقة. وهكذا فالوفرة من شئ تفقدنا احساسنا باهميتها. ونحن لا نقيم الوفرة من شئ كالضروري منه. وبالنسبة لمياردير لا يفرق معه كثيرا ان كانت ثروته 49 أم 50 مليار. الا أن المليار الأول قد يهمه أكثر!
اذن ادرك برنولى ان العلاقة بين القيمة الأسمية للنقود وتقديرنا الخاص لها ليست علاقة خطية بل علاقة لوغاريتمية. والتغيير اللذى ادخله برنولى على طريقة باسكال هو أنه قال اننا لا نطمح فى اختيارتنا فى تعظيم ثروتنا الأسمية من المال بل فى تعظيم منفعتنا utility منه. ويطلق على هذه الطريقة أسم المنفعة المتوقعة expected utility على وزن اسم القيمة المتوقعة لباسكال. ونحن هنا نحسب القيمة المتوقعة كما فى طريقة باسكال لكن ليس بالنسبة للقيم المطلقة للمال ولكن بالنسبة للمنفعة المرتبطة به.
مثال الجدول التالي يوضح العلاقة بين القيمة الأسمية للثروة ومنفعتنا منها. ونرى ان عشرة دولارات رفعت ثروتنا من 10 دولارات الى عشرين دولارا قد رفعت منفعتنا بما يساوي 20. بينما 10 دولارت مساوية رفعت ثروتنا من 90 دولارا الى مائة قد رفعت منفعتتنا بمقدار أربعة فقط.
فبالنسبة للمثال السابق ومن الجدول نجد ان المنفعة المتوقعة من المنتج “أ” هى المنفعة المقابلة للقيمة 49 دولار وهى تساوي 70 تقريبا. اما المنفعة المتوقعة بالنسبة لمنتج “ب” تساوي 50. فالمنفعة المقابلة لصفر من الدولارات تساوي صفر والمنفعة المقابلة ل 100 دولار تساوي مائة . اذن القيمة المتوقعة للمنفعة للمنتج “ب” تساوي 50 فقط. وبهذا نرى بسهولة لماذا ان الخيار “أ” هو الخيار الأقرب الى قلوبنا وعقولنا بل هو الأكثر منطقية فى نهاية المطاف!
وتستطيع طريقة برنولى تفسير بعض الأنشطة الأقتصادية اللتى لا يمكن تفسيرها من دونها. مثال لذلك نشاط شركات التأمين. فحسب برنولى التكلفة اللتى يمكن ان يتقبلها تاجر روسي لتأمين شحنته من البهارات القادمة من هولندا الى سان بترسبوج. -حيث كان فى ذلك الزمان خمسة سفن تغرق من كل مائة-. وهنا يوجد طرفان التاجرالفقير نسبيا وشركة التأمين الثرية. وهما ينظران لشحنة التاجر بطريقة مختلفة. بالنسبة للتاجر قيمة الشحنة تعنى اليه الكثير. اما بالنسبة لشركة التأمين فانها تقيمها بدرجة أقل. ولهذا يتم التعامل بينهما.
ويحب ان ننبه هنا الى ان هذا الامر ليس خاصا بالنقود فقط. بل ان الطبيعة البشرية مقياسها الداخلى يقيس الأمور بمقياس لوغاريتمي وليس بمقياس خطي. مثلا لو كان هناك هدوء كامل. ثم صدرت ضوضاء بسيطة فنعطى هذه الضوضاء مثلا القيمة 1 . اذا تضاعفت شدة الضوضاء فسنعطيها القيمة 2. الان نرفع شدة الضوضاء بشكل هائل جدا. ونقيمها الان مثلا ب 15. نرفع شدة الضوضاء مرة اخرى بالفارق اللذي هو موجود بين 2 و 1. هل سنشعر بتلك الزيادة؟ هل سنعطى الضوضاء الجديدة الشدة 16؟ الاجابة هى لا. فان احساسنا الداخلى ذو مقياس لوغاريتمي. زيادة بسيطة لضوضاء عالية لاتحدث عندنا أى فارق. مع ان اجهزة القياس الفيزيائية تعمل غير ذلك. مثال اخر هو مقياس ريختر لشدة الزلازل. فهو مقياس يتفق مع تركيبتنا النفسية فهو مقياس لوغاريتمى. وزلزال ذو شدة 7 على مقياس ريختر هو أقوى بعشرة مرات من زلزال اخر ذي قيمة تساوى 6!
الطريقة المعاصرة.
لكن ما هو عيب طريقة برنولى أذن؟ العيب ان هناك مواقف نفسية معينة لا تأخذها طريقة برنولى فى الحسبان. ويمكننا تلخيص ذلك فى ثلاث نقاط.
الاختلاف الاول: ليس معنى ان يكون لشخصين نفس الثروة ان يقيما وضعهما بنفس القيمة. فمثلا لو كانا مرتبا شخصين الف يورو فى الشهر. وكان الأول يحصل قبل ذلك على ثلاثمائة بينما كان الثانى يحصل على ألفي يورو شهريا. فلن يكون الاثنان سعيدين بذلك الموقف الجديد. سيكون الأول سعيدا. لكن لابد أن يكون الثانى محبطا. ولذلك تقول النظرية الحديثة أن ما ينبغى ان نحسب قيمته النفسية ليس الثروة الكلية. لكن فقط التغير فى الثروة . او بمعنى اصح المكسب والخسارة. وتكون للمكسب أشارة موجبة وللخسارة اشارة سالبة.
الأختلاف الثاني: هو أن تأثير الأمور السيئة اقوي من تأثير الأمور الايجابية. فنحن نكره أن نخسر بصورة اكبر من اللتى نحب بها أن نكسب. ولو هناك مخاطرة تجارية ما ممكن ان نربح من خلالها 1100 دولار او نخسر من خلالها 1000 دولار لما أقدمنا عليها. ولذلك فالطريقة المعاصرة تعطي الخسارة وزنا أكبر من الربح. كما يتضح ذلك فى الرسم التالي. فكما نري فان ميل المنحنى فى الجزء السالب اكثر شدة منه فى الجزء الموجب.
ويمكننا ان نعطيي هذه النقطة عنوانا فرعيا أن السئ يطغى على الجيد. .ونشاهد أثار ذلك فى حياتنا اليومية. فشئ ذو طعم كريه يفقد كمية كبيرة من العسل حلاوتها بينما نجد أن العكس غير صحيح. فكمية صغيرة من العسل لا تصلح طعم طعام مقزز. وكم من صداقة طويلة احتاجت سنوات لتنمو وتكبر قد يقضى عليها موقف واحد. ويقول الخبراء انه لحياة زوجية ناجحة لا يهم البحث عن النقاط الأيجابية فى شريك الحياة بقدر تجنب سلبياته. ولحياة زوجية طويلة يجب أن تكون نسبة الاشياء الأيجابية الى الأمور السلبية 5 الى واحد على الأقل! . وبينت دراسات المخ ان الاخبار السيئة تنتقل الى المخ بصورة أسرع من اللتى تننتقل بها الاخبار العادية والجيدة. وتأثير الشتائم النابية فى النفس أقوى اثرا من جمل الثناء والأطراء الطويلة. بل فى الحروب نجد أن فرص المدافع افضل من فرص المهاجم. فالمدافع يحارب ضد خسارة الأرض بينما المهاجم يحارب من أجل المكسب. بل فى عالم الحيوان نجد أيضا تلك الظاهرة. فكثيرا ما تنشأ صراعات بين قطيعي حيوانات على قطعة أرض مثلا. ونجد ان فى معظم الأحوال المدافع ينتصر سريعا. بل وفى أحيان كثيرة فى مجرد ثوان قليلة. وهذا الأمر يفسر لماذا أن عمليات الأصلاح فى دولة ذات نظام بال أو فى شركة فاسدة دائما صعبة. فبالرغم من ان نتيجة الأصلاح سوف تكون ايجابية في العموم. الا أن هناك طائفة ما ستخسر وهناك طائفة أخرى ستكسب ونجد دائما ان اللذي سوف يخسر يقاتل بشكل أشرس من الكاسبين المحتملين من أجل الحفاظ على مصالحه. بل حتى في تبادل الأشياء فانا أعطي شيئا وأخذ فى المقابل شيئا أخر. لكن اللذى أعطيه يتولد عندي أحساس انى سوف أخسره. وأقيمه بصورة أعلى من حقيقته. ونجد هذا مثلا فى حالة الأطفال اللذي يرفضون تبادل غرفهم مع انهم قبل ان يحلوا فى هذه الغرف كانت كل الغرف بالنسبة لهم سيان.
الأختلاف الثالث: هو فى قيمة الأحتمالات نفسها. ففى الطريقة الحديثة لاتدخل الأحتمالات بقيمها الأسمية الفعلية كما كان الحال في طريقتى باسكال وبرنولي. لكن أيضا يتم اعطاؤها اوزانا مختلفة. وهنا نشاهد أمرا عجيبا فالأحتمالات الضئيلة جدا والأحتمالات العالية جدا يتم أعطاؤها وزنا اكبر من قيمتها. والأحتمالات المتوسطة تأخذ قيمة أقل من قيمتها! لكن كيف ذلك؟
الأحتمالات الضئيلة تعبر عن الأمكانية. مثلا انسان يعلم انه لا يمكن ان يصبح مليونيرا أو ثريا. ثم تأتى لعبة الياناصيب اللتى تقول انه ممن الممكن ان يكسب مليونا من الدولارات ولكن فرصة ذلك هى واحد فى المليار. وكما نرى فأن الأحتمال ضئيل جدا يكاد يقترب من الصفر. لكنه ليس صفرا. وجعل الحلم من حيث المبدأ ممكنا يجعل الناس مستعدين لدفع فى ورقة الياناصيب ثمنا اكبر بكثير من قيمتها الحقيقية. مثال اخر ربما يكون هناك قرار سياسى ما سيصدر سيعطى لطائفة ما الحق فى ان يصبحوا وزراء. لكن احتمال ذلك عمليا ضعيف جدا. بالرغم من ذلك سيتم تقييم ذلك القانون من قبل تللك الطائفة بصورة عالية جدا. فبعد ان كان امرا ما مستحيلا. اصبح الأن ممكنا ولو عمليا من حيث المبدأ فقط.
اما بالنسبة للأحتمالات العالية. تخيل ان هناك عملية جراحية نسبة نجاحها 99% وهناك احتمال 1% فقط أن تفشل. وطبعا هذا مثال غير واقعى لكن تخيل ان الاطباء قالوا ان هناك عملية اخرى نسبة نجاحها 100% لكن تكاليفها أعلى. -وطبعا الأعمار بيد الله-. فالناس فى معظم الأحوال سيكونون مستعدين لتقبل تلك القيمة الاضافية لأنها أعطتهم يقينا. ثم تخيل ان كانت نسبة نجاح العملية 56% فقط ثم قيل ان هناك طريقة أخرى نسبة نجاحها 57% لكن تكلفتها اعلى. فهل يستحق الواحد في المائة هنا نفس القيمة اللتى نحن مستعدين لدفعها فى الحالة الأولى اللتى نقلتنا الى حالة اليقين؟ الأجابة هى لا!
واذا عدنا الى مثال “عصفور فى اليد خير من عشر على الشجرة” سنجد انه تنطبق عليه كثير من الحالات السابقة. فالأمر الاول هى حالة اليقين اللتى نحن عليها فى حالة العصفور الواحد فى اليد.
كما ان قيمة العصفور الأول بالنسبة لنا ليست كقيمة العصفور العاشر. فالعصفور الأول هو يعنى نجاتنا من الهلاك ان نتضور جوعا. فهو ذو قيمة عالية جدا. اما العصفور العاشر فربما يتلف قبل أن نأكله وهو لا يشكل أهمية كبيرة بالنسبة لنا. وربما لو أصطدنا 7 او 10 عصافير فالأمر لن يفرق كثيرا. وبالتالى عند حساب المنفعة المتوقعة تدخل الاعداد الكبيرة بارقام أقل من أسمها.
دعونا الأن نرى مثالا جديدا. ماذا سوف يكون أختيارك فى الحالتين التاليتين.
الحالة الأولي:
بغض النظر عما معك من المال ستحصل على 1000 دولار. ثم يطلب منك الاختيار بين خيارين:
1 الخيار الاول ان تحصل على 500 دولار بشكل نهائى وأكيد.
2 اما الخيار الثاني فاننا سنجرى قرعة وبناء على نتيجة القرعة قد تحصل على 1000 دولار او لا شئ.
فأي اختيار سوف تختار؟
أعتقد انك سوف تختار الخيار الأكيد فسيكون مكسبك فى النهاية هو 1500 دولار.
الحالة الثانية:
بغض النظر عما معك من مال ستحصل على 2000 دولار. ثم يطلب منك الأختيار بين خيارين:
1 الخيار الأول أن تخسر 500 دولار بشكل نهائى.
2 اما الخيار الثانى فاننا سنجرى قرعة وبناء على نتيجتها فقد تخسر 1000 دولار أو لا شئ.
فاي الخيارين سوف تختار؟
أعتقد هنا انك سوف تفضل المجازفة . وكما نرى فان هذا المثال عجيب فالنتائج المالية فى الحالتين واحدة. فقد ننتهى بالف او الف وخمسمائة او الفين من الدولارات فوق ما معنا. لكننا فى الحالة الاولى اخترنا الامر الاكيد وفي الحالة الثانية اخترنا المجازفة. ويمكننا تمثيل تلك النتيحة فى مربع ذو اربعة خانات. واللتى ملخص نتائجه كالتالي:
1 في حالة المكسب بنسبة عالية يجنح الأنسان لتجنب المخاطرة وقبول عرض أكيد وأن كان ذا عائد أقل
2 فى حالة المكسب بنسبة منخفضة يجنح الأنسان للمخاطرة. كما في لعبة اليناصيب
3 فى حالة الخسارة بنسبة عالية. يجنح الأنسان للمخاطرة لتجنب الخسارة العالية
4 فى حالة الخسارة بنسبة منخفضة. يجنح الانسان لعدم المخاطرة وقبول عرض مناسب.
في النهاية يجب ان نذكر امرين يتعلقان بالفوارق بين الطرق الثلاث السابقة. فطريقة باسكال تصف الحل الأمثل بينما لا تصف الطريقة اللتي يختار بها الناس عموما. اما طريقة برنولى فهى لها هدفان: وصف طريقة الأختيار المثلى. كما أنها فى نفس الوقت تصف الطريقة اللتى يختار بها البشر. اما الطريقة الثالثة فهى تعطي فقط الطريقة اللتى يفكر بها البشر. لكنها لا تعطي الأختيار الأفضل.
النقطة الثانية ان الطريقة الحديثة هى مجرد محاولة لمحاكاة طريقة اختيار البشر لكنها لا تمثل الحقيقة كاملة. وهناك العديد من العمليات النفسية اللتى لا تغطيها مثل الشعور بالندم وخلافه.