القفز من المصعد

فى السابع من اكتوبر عام 1879 قام المهندسون فى فندق باركر هاوس فى بوسطن فى الولايات المتحدة الأمريكية بعمل تجربة غريبة. فقد استقل ثمانية اشخاص المصعد ثم صعدوا به حتى الطابق الرابع. وبعد اعطاء اشارة بدء التجربة قام المساعدون بقص كابل المصعد ليهوي ومستقلوه باتجاه الارض. ولمسافة 25 مترا كان المصعد اللذي يزن قرابة الطنين فى حالة سقوط حر.

كان الهدف من التجربة اختبار مقولة مفادها: لتخفيف وطء سقوط مصعد ينبغى على الانسان ان يقفز الى أعلى فى نفس اللحظة اللتى يلمس فيها المصعد الأرض وبذلك يستطيع الانسان ان يقى نفسه الاصابات الخطيرة. فالشعور بالقلق حين يستقل الانسان المصعد وأن يخطر على باله أن ينقطع كابل المصعد هو شعور مزعج حاول المهندسون من زمن طويل التعامل معه وسعوا الى تحسين نظام الامان بداخل المصاعد.

لكن هل القفز الى اعلى من مصعد هاو يستطيع ان ينقذ راكبيه من الموت او الأصابة؟ الاجابة سهلة لمن له دراية بسيطة بالفيزياء! لكن علينا ان نتأمل بعض النقاط اولا.

النقطة الاولى كم تبلغ سرعة المصعد وراكبيه عندما يصلون الى الأرض. ان الجاذبية الارضية تعمل على تسارع الاشياء عندما تسقط سقوطا حرا بتسارع قيمته التقريبية  10 متر فى الثانية المربعة. او بتعبير اخر ان كل ثانية تزيد سرعة الاشياء الساقطة بحوالى 36 كم فى الساعة. وبما أن السقوط الحر من مسافة 25 متر يستغرق حوالى 2.3 ثانية اذن سوف تربو سرعة المصعد ومستقليه فى النهاية عن 80 كيلومتر فى الساعة.

النقطة الثانية هى: لكى يقي الانسان نفسه خطر الأصابة ماهى السرعة اللتى ينبغى ان يقفز بها الى اعلى؟ من الواضح ان الاجابة يجب ان تكون ايضا 80 كيلومتر فى الساعة حتى تكون المحصلة النهائية صفرا.

ومن الجلى ان الانسان لا يستطيع ان يقوم بقفزة كهذه. والا لكان على الجانب الأخر بامكاننا جميعا ان نقفز 25 متر الى أعلى اذا قفزنا بهذه السرعة. وفعليا فأن معظم الناس لا تتعدى قفزتهم نصف متر الى أعلى.

اذن فحتى لو سقط المصعد من أمتار قليلة فان القفز الى اعلى لن يخفف من وطء الصدمة بالقدر الكبير. ثم تأتى الى جانب ذلك مشكلة عملية اخرى . فكيف يدرك الانسان المعزول بداخل المصعد ان المصعد سوف يلامس الأرض فى التو وعليه ان يقفز الى أعلى فى هذه اللحظة؟

كل هذه الأمور ادركها المهندسون على الأغلب فى عام 1879 لذلك وضعوا وسائد هوائية على الارض لتقليل توابع اصطدام المصعد. وبالفعل عندما وصل المصعد الى الارض كان هناك ارتطام هائل وتناثرت شظايا الزجاج. لكن لحسن الحظ لم تكن اصابات الركاب الا اصابات سطحية وتورمات خفيفة.

واليوم لا يضع مصممو المصاعد وسائد هوائية اسفل المصاعد لتقليل هول الصدمة لكنهم يستخدمون نظام فرامل صممه الأمريكى أوتيس Otis وذلك منذ القرن التاسع عشر. ففى حالة انقطاع الكابل و سقوط المصعد الى اسفل يتم تفعيل نابض امان. حيث تتسابق خطاطيفه نحو المصعد للامساك به ومنعه من الارتطام بالأرض. ونظام الامان هذا تم تطويره وهو موجود بداخل كل مصاعد اليوم. ولذلك اذا غضضنا البصر عن افلام هوليوود فان سقوط مصعد وارتطامه بالارض هو امر عمليا غير موجود اليوم.

**مترجم من مقال من مجلة جيو GEO

Leave a Reply