الهندسة و الحياة

تعتبر الهندسة من اهم الانتصارت العلمية اللتى حققتها البشرية عبر تاريخها. ولا ترجع قيمة الهندسة الى دقة نتائجها فقط  بل لأنها -من ضمن الرياضيات- العلم الوحيد اللذى يستطيع ان يبرهن على صحة محتواه بنفسه. فالعلوم الأخرى كالفيزياء او الكيمياء او التاريخ او اللغات لاتستطيع هذا. لذلك احتلت الهندسة مكانة سامقة لا شبيه لها.

حتى ان ايمانويل كانت بالرغم من انه كان احد أهم الفلاسفة التنويريين واللذى كانت اراؤه سابقة لزمانه  قال ان الهندسة الاقليدية ليست فقط صحيحة بل لا يمكن للبشرية ان تصل الى هندسة اخرى غيرها. فقد كتب كانت فى “نقد العقل الخالص” اننا لا يمكننا ان نستقبل الحقيقة كما هى. بل نستقبلها بما يتناسب مع قدراتنا نحن. فهناك قوالب معينة موجودة بداخلنا لا يمكن ان نتعرف على الحقيقة الا من خلالها. والزمان و المكان من ضمن هذه القوالب. فنحن لا يمكننا ان نتفاعل مع اى شئ او نشعر به الامن خلال هذين القالبين. وهذين القالبين نحملهما فى داخلنا وهما يتطابقان تماما عند كل البشر. فهما امران قبليان. اى  انهما موجودان بداخلنا قبل أى خبرة او تجربة حياتية. والهندسة الاقليدية تتعلق بهذين الأمرين القبليين. لذلك نظرياتها واضحة يمكن برهنتها ولا يمكن الوصول الى هندسة اخرى سواها.

لكن بعد وفاة كانت ظهرت الهندسة غير الاقليدية. وكان وقعها مدويا. ففى هذه الفترة كان المجتمع العلمى فخور بانه يسقط  كل الموروثات القديمة. وكانت الهندسة الأقليدية هى اخر المقدسات اللتى ظن الناس انها لا يمكن ان تسقط ابدا. لذلك اصبحت الهندسة غير الاقليدية صيحة العصر. و كان لا يمكن ان يخلو اى برنامج دراسى جامعى محترم خاص بالفيزياء و الرياضيات من هذا الفرع. وهذا كان من حسن حظ اينشتاين فهو لذلك لم يحتاج ان يبحث كثيرا ليجد نموذجا رياضيا يحمله افكاره. فلقد كان درسه توا بالجامعة.

أما فى زماننا اليوم فقد تراجع الاهتمام بالهندسات غير الاقليدية. حتى فى الجامعات المتخصصة لم تعد مادة اساسية حتى بالنسبة لطلاب الفيزياء و الرياضيات ولكن مادة تخصصية. و اليوم دعونا نأخذ خطوة للخلف وننظر نظرة متأنية للهندسة سواء كانت اقليدية او غير اقليدية لنرى اين توجد الهندسة اليوم فى الحياة فعلا.

اذا سألنا انفسنا اين توجد الهندسة؟ فسنجد انها توجد اولا فى كتب الرياضيات! وبالطبع هذا امر لا يفاجئنا. فالهندسة هى فرع من الرياضيات. و الرياضيات تصف كل ما يمكن ان يعقله العقل البشرى بقوته الذاتية. ثم اننا نجد الهندسة موجودة فى بعض الفنون سواء كان أدب او رسم أونحت.

ففى الادب نجد ان الهندسة غير الاقليدية قد اثارت اهتمام الادباء و الهمتهم بالأفكار. على سبيل المثال هناك رواية للروائى هربرت ويلز تعتمد قصتها على هندسة ريمان وعلى معرفة أن النقاط القطرية تمثل نفس النقطة.

كما ان هناك رسومات و اعمال خشبية رائعة كالتى قام بها الهولندي اشر تمثل اسقاطات مختلفة لنفس المشهد فى العالم الأقليدي و الاهليليجي و القطع زائدي. كما فى عمله دائرة الحياة.

لكن السؤال اللذى ربما يهمنا اكثر بعيدا عن الانتاج العقلى للبشر هو: اى الهندسات تنسجم مع الطبيعة بشكل اكبر؟ وأى الهندسات هى الأصلح لوصف القلم  او الطاولة او الشجرة او البيت الموجودة امامى؟.

هناك رواية تقول أن اول من حاول اجابة هذا السؤال كان الألمانى جاوس Gauß . فلصحة هندسة اقليدس يجب ان يكون مجموع زوايا المثلث الداخلية 180 درجة. وحيث ان جاوس كان مساحا فحاول التحقق من صحة هذه النتيجة على نطاق واسع فاستغل قمم ثلاثة جبال -وهي جبال بروكن و انزلسبرج وهوهن هاجن فى المانيا-  ليصنع منها مثلثا اطوال اضلاعه: 68 و 84 و 106 كيلومتر. لكن النتيجة اللتى توصل اليها جاوس لم تختلف مع الهندسة الاقليدية. فالامكانيات التكنولوجية فى زمانه -بل وحتى فى زماننا اليوم- لا تسمح باكتشاف ذلك الفرق الضئيل اللذى تنبأت به النظرية النسبية عند اجراء القياسات فوق سطح الأرض. وبما ان جاوس كان انسانا حذرا وكان يخاف ان ينتبه الناس الى انه يشك فى صحة الهندسة الاقليدية فابقى الهدف من قياساته تحت طي الكتمان.  لكن معظم المؤرخين يشككون فى صحة هذه الرواية ويقولون ان جاوس لم يتبع ذلك الهدف ابدا. وكانت قياساته مساحية بحتة!

ثم في عام 1915 وبعد ظهور النظرية النسبية العامة تغيرت الصورة تماما. فقد استطاع البرت اينشتاين ان يفسر ظاهرة  الجاذبية بصورة غير تقليدية نسفت الصورة النيوتونية تماما. واذا اخذنا الأرض و الشمس على سبيل المثال فسنجد أن لا الشمس تجذب الارض ولا الارض تجذب الشمس ولا توجد قوة متبادلة بينهما!. ولكنها هي كتلة الشمس – كذلك كتلة الأرض ولكن كتلة الشمس اكبر بثلث مليون مرة- اللتي تغير فى هندسة الزمان و المكان. فالزمان و المكان ليسا مستقلين كما فى نظرية نيوتن. ولكن كلاهما فاعلا و مفعولا به فى نفس الوقت فى ضوء النظرية النسبية العامة. وبالتالي قوام الكون يتحول من مستوي الى منحنى والخطوط تتحول من مستقيمة الى جيوديسية و الهندسة تتحول من اقليدية الى غير اقليدية! وتقول نظرية النسبية العامة ان الخط الجيوديسى المار بموضع الأرض يتطابق تماما مع المسار البيضاوي اللذى تدور فيه الأرض حول الشمس. وكما ان القانون الاول لنيوتن ينص على ان الجسم اللذى لا تؤثر عليه قوة خارجية يستمر على حالته من الحركة في خط مستقيم. فأن اينشتاين يقول ان الجسم اللذى لا تؤثر عليه قوة خارجية يستمر على حالته من الحركة في خط جيوديسي.  وحيث انه لا توجد قوة خارجية تؤثر على الارض فتتحرك فى مسار بيضاوي وتبدو و كأنها تدور حول الشمس!

اذن خلاصة ما تقوله النظرية النسبية العامة انه لامناص عن استخدام هندسة ريمان عندما نكون على مسافة قريبة من الطاقات الهائلة اوالكتل الكبيرة كالشمس وما فوقها. حتى الضوء نفسه لا يمكنه الهروب من هذا المصير فينحنى مساره عندما يمر بمقربة من الشمس. اما بالنسبة للقلم والطاولة والشجرة والبيت فوق سطح الأرض فان انحناء الزمكان لا يكون كبيرا ويكون مازال باستطاعتنا استخدام الهندسة الأقليدية لوصف هذه الأشياء. لكن مع ذلك يجب ان نقر ان الهندسة الأقليدية قد اصابها انحدار فى المكانة. فبعدما كانت تمثل الحقيقة نفسها تدهور بها الحال حتى أصبحت مجرد نتيجة مقبولة فقط!

وهناك حالة اخرى تكون نتائج الهندسة الاقليدية فيها مقبولة وذلك عندما تصغر المسافات جدا وتئول الى صفر. فهنا تئول الهندسة الريمانية الى هندسة اقليدية فهكذا هى خصائص الهندسة الريمانية. فالهندسة  الاقليدية هى حالة خاصة من الريمانية حينما تئول المسافات الى صفر.

ثم دعونا نواصل رحلتنا لنرى ما هى الهندسة الأفضل لوصف حالنا عندما نكون موجودين فى الفراغ الكونى -مع تحفظى على هذه الكلمة- بعيدين بالوف السنوات الضوئية عن اى كوكب او نجم او مجرة؟ ثم دعونا نري اي الهندسات هى الأفضل عندما تصغر الأطوال جدا حتى تصبح اقصر بكثير من طول القلم او حتى قطر الذرة نفسها؟ لا ينبغى ان نحطئ ونظن اننا قد جاوبنا على هذا السؤال فيما سبق. فهنا تظهر قوى جديدة لم نعمل حسابها حتى الأن.

دعونا نرى اذن الحالة الاولى. وهى حالة المسافات الكونية الشاسعة الخالية من وجود المادة. وهذه الحالة تمثل الجزء الاعظم من نسيج الكون! -فوجودنا فوق ظهر كوكب ضمن المجموعة الشمسية وسط مجرة درب التبانة هو حالة خاصة جدا جدا-. اذن ما هى العوامل المؤثرة فى هذه الحالة؟ لاشك وكما ذكرنا الجاذبية. فعلى الرغم من ان تأثيرها يقل مع ابتعاد المسافة لكنه لا ينعدم. وهذا التاثير يكسب الكون او  الزمكان انحناء أو تقوسا موجبا كما تقول النظرية النسبية العامة. لكن هناك تأثير اخر لابد ان نضعه فى الحسبان وهو تأثير الطاقة الناتجة عن الانفجار العظيم. وهذا التأثير يقل مع مرور الزمن ولكنه ايضا لا ينعدم. ونظرية الانفجار العظيم هى ارجح النظريات عند الفيريائيين اليوم وتقول بحدوث انفجار كبير منذ زمن طويل. وبسبب هذا الانفجار فان الكون يتمدد على عكس قوة الجاذبية اللتى تعمل على انكماش الكون. وكما ان الجاذبية تصنع انحناءا موجبا للكون فان تأثير الانفجار العظيم يصنع انحناءا سالبا. والنتيجة النهائية تتوقف على النسبة بين هذين التأثيرين!  ودعونا نوضح ذلك بالمثال التالي:

اذا القينا حجرا الى أعلى فهناك 3 احتمالات لما قد يحدث بعد ذلك:
1 اما ان يسقط الحجر مرة اخرى على الأرض بفعل الجاذبية الارضية. وهذا هو الاحتمال الأكثر رجوحا
2 ان تكون السرعة اللتى قذفنا بها الحجر عالية جدا فيغادر الحجر الغلاف الجوى بغير رجعة. تماما كما نرسل الصواريخ الى الفضاء.
3 الاحتمال الثالث أن تكون السرعة اللتى قذفنا بها الحجركبيرة فتمنعه من السقوط على الارض مرة اخرى ولكنها فى نفس الوقت ليست عالية كفاية ليغادر غلافها الجوى. فيبقى الحجر معلقا حول الأرض كقمر صناعي

وهذه الاحتمالات الثلاثة نجدها مرة اخرى فى حالة الكون الكبير ونطلق على على هذه النماذج الثلاثة نماذج فريدمان وهى بالتفصيل كالتالى:

نماذج فريدمان

نماذج فريدمان

1 الحالة الاولى ان يكون تأثير الجاذبية فى الكون اكبر من الطاقة اللتى اكتسبها من الانفجار العظيم. وبالتالى يطغى الانحناء الموجب على السالب وتكون هندسة ريمان الاهليليجية هى الأصلح لوصف الكون. واذا تخيلنا ان للكون بعدين فقط فسيكون سطح الكون كسطح كرة! لكن حيث ان الكون له ثلاثة ابعاد مكانية فيكون سطحه كسطح كرة ثلاثى الابعاد. وهذه صورة لا تستطيع  بديهتنا ان تتعامل معها. ولكن الرياضيات تستطيع ان تتعامل مع هذه الصورة بكل سهولة وأريحية. ويكون الكون فى هذه الحالة محدود الحجم. فبعد ان يصل الكون الى اكبر اتساع له سيعود مرة اخرى وينكمش حتى يصل الى نقطة الصفر مرة  اخرى. تماما كما يسقط الحجر المقذوف على الأرض.

2 الحالة الثانية هى ان تكون الطاقة اللتى اكتسبها الكون من الانفجار العظيم عالية جدا فلا تسمح له بالانكماش مرة اخرى ويواصل تمدده بلا انقطاع. وفى هذه الحالة يربو الانحناء السالب على الموجب. وتكون هندسة لوباتشفسكى القطع زائدية هى الاجدر على وصف الكون. ولو كان الكون ذا بعدين مكانيين اثنين فقط لكان سطحه كالسرج او رقائق  البطاطس الشيسبى. ولكن حيث ان كوننا ثلاثى الابعاد فيكون سطح الكون هو كرقائق البطاطس ثلاثية الأبعاد. وهذه مرة اخرى صورة لا تستطيع بديهتنا ان تتعامل معها. فقط الرياضيات تستطيع ذلك بكل سهولة. وفى هذه الحالة يكون الكون لا نهائي.

الكون كقرص

الكون كقرص

3 الحالة الثالثة هى ان يتساوى تماما تأثير الجاذبية مع الانفجار العظيم وفى هذه الحالة يعادل الانحناءان الموجب و السالب بعضهما البعض. وتكون هندسة اقليدس هى الاجدر على وصف الكون. واذا كان كوننا ذا بعدين مكانيين فقط فسيكون شكله على هيئة مستوى اقليدي عادي! لكن حيث ان كوننا له ثلاثة ابعاد مكانية فيكون سطح الكون هو سطح كرة!!. وحجم الكون فى هذه الحالة يكون لانهائيا. لكن هناك تصور اخر يقول ان حجم الكون سيكون منتهيا ولكن سطح الكون لن يكون كسطح الكرة ولكن كسطح القرص torus

لكن اى هذه التصورات هى الأقرب الى الحقيقة؟ لايمكن ان تعطينا النظرية وحدها الاجابة على هذا السؤال. فجميع النماذج السابقة متكافئة نظريا. بل هى مولودة من نفس الرحم. لكن الحكم على هذا الموضوع يأتى من المشاهدة و القياسات العملية. ولحسم هذا السؤال يجب ان نقيس السرعة اللتى تبتعد بها المجرات عن بعضها. كما يجب ان نقيس المسافة بين المجرات بالاضافة الى كثافة المادة الموجودة فى الكون فى المتوسط. اما بالنسبة للأمر الاول وهو قياس سرعة ابتعاد المجرات عن بعضها فهذه عملية تمكن الفيزيائيون من اتمامها بدقة عالية. لكن الصعوبة الاكبر تكمن فى تقدير المسافة بين المجرات. ثم المهمة الأصعب على الأطلاق هى تحديد كثافة مادة الكون فى المتوسط!

وقد أوضحت قياسات العلماء ان النموذج الثالث أو نموذج الكون المستوي الأقليدي هو الأقرب الى وصف الواقع القائم. ولذلك يميل معظم الفيزيائيين المعاصرين الى هذا الرأي. لكن توجد ايضا اسماء هامة تتبنى صحة النموذج الثانى كروجر بنروز. وهناك ايضا قلة من الفيزيائيين تميل الى النموذج الأول كما كان ستيفن هوكنج فى مرحلة من عمره.

لكن النتائج العملية قد تكون فى كثير من الأحيان الملح اللذى يفسد طبخة النظريين. وبالفعل فى حالتنا اليوم يتحقق ذلك الأمر. فالتصورات الثلاث السابقة يطلق عليها النموذج القياسى. وقد حصل العلماء على الكثير من النتائج العملية اللتى لاتدعم فقط احد التصورات الثلاثة السابقة بل تفسد  الطبخة كلها. فالقاسم المشترك بين هذه التصورات ان سرعة تمدد الكون تقل باستمرار بفعل تأثير الجاذبية. فلو تخيلنا الكون كسيارة فان الجاذبية تضغط على فراملها بصفة متواصلة!. وقد اراد فريق علمى امريكى قياس هذا الامر. لكن لشدة مفاجأتهم حصلوا على النتيجة العكسية تماما. وتوصلوا الى ان الكون تزداد سرعة تمدده ولا تقل بالرغم من الجاذبية الموجودة كما لو ان هناك مؤثر اخر يضغط على دواسة البنزين! وحصل ذلك الفريق العلمى على جائزة نوبل فى الفيزياء عام 2011 لهذا الاكتشاف.

اما بالنسبة لذلك المؤثر اللذى يسبب تزايد سرعة الكون فيفترض الفيزيائيون شئ غريب موجود فى الكون يطلقون عليه الطاقة المظلمة Dark energy. وهذه الطاقة المظلمة هى كالجاذبية تماما ولكن لها تأثير عكسى فهى تسبب ابتعاد المادة عن بعضها وليس تقاربها. وبالمثل فان هناك نظرية فيزيائية هامة لها مؤيدون كثيرون كما أن لها معارضون كثيرون ايضا تقول بان امر مشابه قد حدث ايضا فى بداية الانفجار العظيم وان سرعة  تمدد الكون كانت اعلى من سرعة الضوء ولكن ذلك كان لفترة وجيزة  جدا. ويطلق على هذا النموذج نموذج التمدد التضخمي Inflation . لكن من نتائج هذه النظرية ان تكون هندسة الكون اقليدية. فسرعة تمدد الكون لابد لها ان تزيل اى انحناء موجود فى الكون. تخيل مثلا انك تقف فوق كرة سلة!. وهنا بالتاكيد سوف  تشعر بسطح الكرة الغير مستوى. ثم تخيل ان كرة السلة تم نفخها فى لمح البصر بحيث  اصبحت كالكرة الارضية. هنا سوف يختفى  شعورنا بتقعر الكرة وسنراها مستوية حيثما ننظر.

اما الحالة الثانية المتعلقة بالمسافات الصغير جدا فهنا لن تلعب الجاذبية الدور الرئيس. بل ان القوة الكهرومغناطييسة و القوتين النوويتين الضعيفة و القوية تلعب الدور الأكبر. كما ان الظواهر الكمية لا يمكن اغفالها. ففى هذه الحالة نجد ان الهندسات الثلاثة الاقليدية والاهليليجية والقطع زائدية تفشل تماما فى وصف ذلك العالم. فالمفاهيم الهندسية الاساسية كالنقطة تصبح لا معنى لها فى هذا العالم الغريب. فالسحابة الألكترونية تظهر عوضا عن تصور الالكترون كنقطة! كما اننا لا يمكننا ان نتحدث عن مسافة او طول كما فى الهندسات الجاسئة. فلا يوجد طول دقيق يمكننا ان نتحدث عنه فى ذلك العالم الكمى بل كل شئ خاضع لنزوات حساب الاحتمالات. ولذلك ربما تظهر الحاجة الى اختراع هندسة جديدة تستطيع ان تصف ذلك العالم او ربما نكون قد وصلنا الى الحد اللذى لا تستطيع حتى الهندسة ان تتخطاه.!

وفى نهاية رحلتنا مع الهندسة كاداة لوصف العالم لابد ان نتذكر مدرسة افلاطون. تلك المدرسة اللتى انشأها افلاطون لتعليم العلوم و اعطاها اسم الاكاديمية. وهذا هو اصل اسم جميع  الاكاديميات المعاصرة التى نعرفها اليوم. ويحكى ان افلاطون قد كتب على جدران مدرسته: ممنوع الدخول لمن لا يعرف الهندسة!

 

2 thoughts on “الهندسة و الحياة

  1. ممنوع الدخول لمن لا يعرف الهندسة!

    شكرا دكتور ..
    زادك الله من واسع علمه
    ونفع بك الأمة
    جزيتم الجنة

  2. اسجل اعجابى بكل ما يخطه قلمكم الكريم
    ولى رجاء ان تشرح مع التبسيط التفاصل والتكامل و ليكن تتمة لما سبق ان تناولته بخصوصهما
    نفعك الله ونفع بك

Leave a Reply