فيتزجرالد و لورنتر و الامانة العلمية

جورج فيتزجرالد هو عالم ايرلندي حاول ان يفسر فشل محاولات اثبات وجود الاثير فقال ان الأجسام المتحركة لابد و ان تعاني انكماشا في الطول بسبب حركتها . وتكون النتيجة المترتبة على هذا ان سرعة الضوء في الاثير تبدو دائما ثابتة و لا تتغير. اما هذه القيمة او هذا المعامل اللذي يتم به الانكماش فهو يساوي

[latex]\sqrt{1 -v^2/c^2}[/latex]

حيث c سرعة الضوء و v سرعة الجسم المتحرك بالنسبة للأثير.

ويلاحظ ان هذا  الانكماش يكون اكثر وضوحا في حالة السرعات الكبيرة و  اللتي تقارب سرعة الضوء  و في حالة تساوي السرعة اللتي يتحرك بها الجسم مع سرعة الضوء فان طول  الجسم يصبح صفرا. اما في حالة السرعات الاقل فان هذا التأثير لا يكون واضحا. حتى في حالة الكرة الأرضية في دورانها حول الشمس فان السرعة اللتي تدور بها الارض تعتبر متواضعة بالمقارنة بسرعة الضوء ولهذا تعاني الكرة الأرضية انكماشا  مقداره 6 سم فقط. اي اقل من ارتفاع اعواد النجيلة او الحشيش.

وكان فيتزجرالد يعلن عن رأيه هذا في محاضراته اللتي يلقيها في الجامعة. كما انه ارسل مقالة علمية بهذا الخصوص الى المجلة الامريكية العلمية الشهيرة “science” ولكن في الحقيقة فان فيتزجرالد لم يجني بسبب تصوره هذه سوى السخرية حتى من اصدقاؤه و نصحوه بأن يتوقف عن هذه الادعائات المضحكة. وفكر فيتزجرالد في سحب مقالته من المجلة الامريكية اللتي كانت تعاني من مشاكل مادية في هذا الوقت لدرحة ان اصداراتها كانت  قد توقفت بصورة مؤقتة. واعتقد فيتزجرالد ان مقالته لم تنشر و لكن في الواقع فان المجلة  كانت قد نشرت في عددها الأخير مقالة فيتزجرالد قبل ان تتوقف عن الصدور ولم يكن فيتزجرالد يعلم بهذا خصوصا  وأن المجلة تصدر في دولة اخرى تفصلها عن الجزيرة البريطانية محيط ضخم.

وبعد سنوات قليلة يصل العالم الهولندي هندريك انطون لورنتر لنفس النتيجة اللتي كان يقول بها فيتزجرالد واللتي تقول ان الاجسام المتحركة بسرعة عالية تقارب من سرعة الضوء لابد وأن تعاني انكماشا في الطول في اتجاه حركتها. كما أن الزمن ليس شيئأ مطلقا كما كان يقول نيوتن ولكنه ادخل مفهوم الزمن المحلي  واللذي يعتمد على المكان والسرعة اللتي تتم بها الحركة. وقال ان الزمن يعاني ايضا انكماشا في حالة الحركة.

وبأخذ هذه التحويلات في الأعتبار يمكن تفسير لماذا فشل العلماء في تحديد سرعة الارض بالنسبة للأثير كما انه قال انه لا يمكن لجسم  من ان يتخطي سرعة الضوء.

واراد لورنتر ان ينشر اراؤه وكان سمع ان فيتزجرالد قد سبقه لهذه الفكرة فبمنتهى الأمانة العلمية أرسل خطابا الى فيتزجرالد و سأله عما اذا كان فيتزجرالد قد سبقه ونشر بالفعل ام ان لورنتر مازال يستطيع النشر . وكان فيتزجرالد انسانا شريفا  وعالما امينا فأرسل الي لورنتر خطابا يقول فيه انه لم ينشر شيئا وان لورنتر يستطيع النشر أن أحب و اعطاه الضوء الأخضر بذلك. وكما ذكرنا سابقا ان فيتزجرالد نفسه لم يكن يعلم ان مقالته قد تم نشرها بالفعل ونشر لورنتر ابحاثه و اشار بالرغم من هذا الى ان فيتزجرالد ربما يكون اول انسان فكر في انكماش الاجسام المتحركة بل ووضع معادلات تبين ذلك.

وبعد مرور سنوات عديدة تتضح القصة كاملة و يظهر المقال المنشور لفيتزجرالد و اللذي يوضح اسبقيته. و تسمى هذه المعادلات الان تحويلات فيتزجرالد – لورنتر او تحويلات لورنتر فقط كما اقترح الفيزيائي الفرنسي الكبير هنري بوانكاريه لأن لورنتر قد طور في صورة المعادلات بصورة كبيرة ومؤثرة.

ولكن في كل الأحوال توضح هذه القصة القصيرة الاخلاق الحميدة و الأمانة العلمية اللتي يجب ان تكون متوافرة لدي العلماء.

 

 

Leave a Reply